أجمعت فئات أطر الإدارة التربوية بالابتدائي والإعدادي والثانوي على أن مذكرة تأطير وتتبع المراقبة المستمرة بالأسلاك التعليمية الثلاثة تم إنزالها بشكل متأخر عن موعدها، وبطريقة عمودية دون استشارة المديرات والمديرين، ويصعب أجرأتها خلال الموسم الجاري لأنها نزلت مباشرة على الأساتذة دون المرور بمرحلة التأطير، مما خلق ارتباكا واضحا لدى الأساتذة المطلوب منهم مباشرة عملياتها، بعد أن كانت السنة الدراسية انطلقت منذ شتنبر وأنهم أنجزوا البعض من الفروض ومقدمين على تقويم الأسدس الأول بدون مرحلة التأطير التي تسبق أجرأة المذكرة. ويتساءل المديرات والمديرون ما إذا كانت هذه المذكرة هو إجراء عملي للعودة إلى زمن الامتحانات، والابتعاد عن المقاربة التي تعتمد المراقبة المستمرة باعتبارها عملية تقويم طبيعية تجري أطوارها في ظروف عادية داخل الفصل.
فعلى مستوى التأطير، يقول أحمد السعيد، مدير التعليم الثانوي التأهيلي، لـ»الصباح»التربوي، يستحيل تنفيذ هذا الشق الأساسي من المذكرة الإطار 175 التي تندرج في إطار أجرأة البرنامج الاستعجالي في الشق المرتبط بالمشروع المتعلق بتطوير نظام التقويم والامتحانات، تؤكد على أن يعقد المجلس الجهوي للتنسيق والمصالح التربوية بالأكاديمية والنيابات، من جهة اجتماعا لوضع خطة عمل محكمة تغطي عمليات المراقبة المستمرة في كل مراحلها، بدءا بالتأطير، ومرورا بتتبع التنفيذ، وانتهاء بالتقويم واستثمار النتائج، ومن جهة ثانية، أن يعمل مجلس التنسيق الإقليمي والمصلحة التربوية بالنيابة على تنفيذ خطة العمل الجهوية وتأطير هيأة الإدارة التربوية من مديرين وحراس عامين في مجالس تدبير المراقبة المستمرة بالمؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية، وكذا عقد لقاءات تربوية بين المفتشين والأساتذة لاطلاعهم على ملامح الخطة الإقليمية المنبثقة من الخطة الجهوية لوضع تصورات لتتبع تنفيذها واستثمار نتائجها، إضافة إلى تنظيم لقاءات على مستوى المؤسسات التعليمية مع المديرين وهيأة التدريس وأطر التوجيه لدراسة الصيغ الممكنة لتنفيذ الخطة الإقليمية، وإدراج موضوع المراقبة المستمرة في جدول أعمال المجالس التربوية والمجالس التعليمية ومجالس الأقسام.
وأضاف أحمد السعيد، مسؤول بهيأة المديرين، أن هذه المذكرة التي حاولت أن تحيط بعملية المراقبة المستمرة في شموليتها، وتضع لها استراتيجية محكمة لها مكانتها وقيمتها في مجال تقويم كفايات التلاميذ، وبالتالي استعادت خلاصات المذكرات السابقة المنظمة للمراقبة المستمرة، وأعادت صياغتها بشكل مبني يحدد الاهداف ويسطر الخطوات ويحدد المسؤوليات، بغية تثمين منتوج ومستوى التلاميذ، تصطدم بعدة بإكراهات يلزم أخذها بعين الاعتبار لضمان الوثوقية والمصداقية وتكافؤ الفرص.
ويتمثل هذا في أهمية ضمان التزام جميع الأطراف بالمؤسسات العمومية والخصوصية وجميع الأساتذة والأستاذات بمختلف التخصصات الانخراط الإيجابي في هذه العمليات. فواقع الحال، يقول الأسعد، يسجل اختلافا من ناحية، في معايير تقويم وتدخل الجانب الذاتي بدون الاستناد إلى الأطر المرجعية المعتمدة في كل مادة ليكون (التقويم) في مستوى ما يطرح في الامتحانات الإشهادية، ومن ناحية أخرى على مستوى المؤسسات العمومية ذاتها وبينها وبين الخصوصية والأساتذة والخريطة المدرسية التي تلعب دورا حاسما في عدم الاحتكام إلى قياسات موضوعية تتحكم في مسار التلاميذ، وتخلق فصولا متفاوتة من حيث المستوى والكفايات المكتسبة، مما يحول دون قيام الأستاذ بدعم وخطة محكمة واضحة المعالم، تتناسب من جهة مع حجم المقررات وما يستلزمه من مهارات مفروض أن يكتسبها التلميذ، ومن حيث مناسبة الفروض للتفاوتات الحاصلة داخل الفصول، بل بين فصول المستوى الواحد.
أما من حيث البعد التربوي للمراقبة المستمرة المتمثل في القيام بخطة الدعم، فتصادفها إكراهات كبرى تتفاوت بحسب خصوصيات المؤسسات التعليمية، كعدم توفر الحراس وقلة الموارد البشرية في كثير من الأحيان، وضغط الغلاف الزمني وصعوبة تصنيف التلاميذ إلى فئات، الشيء الذي يعيق عملية الدعم الذي يعتبر الهدف المتوخى في هذا التقويم المرحلي، هذا إضافة إلى علاقة المراقبة المستمرة مع مكون الامتحان الإشهادي بالثالثة إعدادي والثانية باكالوريا، إذ نسجل، يؤكد أحمد السعيد، أن المذكرة الحالية تنص على أن توفر للفرض المحروس الشروط نفسها والوسائل المرتبطة بالامتحان الإشهادي، بغية إعداده، حسب المذكرة، نفسيا للظروف المماثلة في الامتحان، في حين أن الفرض يعتبر درسا، ويجب أن يتم بشروط الدرس نفسها، ويصعب، بل يستحيل أن يخصص للفروض داخل المؤسسات، شروط مميزة، لأنها ستؤثر سلبا على إيقاعات الزمن المدرسي، كما يكرس أن الفرض هدفا في حد ذاته، وأن الفرض (المراقبة المستمرة) يتحول بفعل ما تحث عليه المذكرة إلى امتحان، وهذا ما يجعلنا تقرأ المذكرة بأنها تقنين مفرط، قد يعصف بالعلاقة التفاعلية الطبيعية بين التلاميذ والأساتذة من ناحية، وبين هؤلاء ومكونات المقرر وخصوصيات الفصل من ناحية أخرى، وهذا ما قد يعصف بذلك المحرك الوجداني الأساس في العملية التربوية برمتها، وفي المراقبة المستمرة، الشيء الذي سيحول المراقبة المستمرة إلى امتحانات.
من جهة أخرى، قال عبد العزيز عصام، مسؤول بجمعية مديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب، إن هيأة الإدارة التربوية بالتعليم الابتدائي سجلت مجموعة من الملاحظات الاولية على المذكرة 179 المتعلقة بتأطير وتتبع إجراء فروض المراقبة المستمرة بسلك التعليم الابتدائي، التي توصلوا بها في وقت متأخر من الموسم الدراسي، ومطلوب تنفيذها بداية الموسم دون إشراكهم فيها من أولها إلى آخرها، إذ لم ينعقد أي اجتماع في شأنها.
وأضاف أن هناك هفوات تنظيمية تخللت المذكرة الإطار، لأن المراقبة المستمرة، يصادف زمنها مع أسبوعي الإدماج، ومن تم هل سيتم إدراجها في استعمال الزمن الخاص بهذين الأسبوعين؟ كما أنها تضمنت الفروض الشفوية للمسرح المدرسي والتربية الموسيقية في المستوى الثاني، إضافة إلى الإكراهات المرتبطة بنهاية الدورة الأولى التي تستوجب إنجاز الامتحان المحلي الذي يخضع لعدة عمليات، إلى جانب عمليات الإحصاء التي لم تتم بعد، ناهيك عن حركية المتعلمين خلال شهر دجنبر.
وأعرب عن استغرابه كيف سيتمكن مديرات ومديرو التعليم الابتدائي الذين طلب منهم وفق تعليمات المذكرة، إنجاز 13 عملية جديدة، إضافة إلى 56 عملية أخرى، في غياب طاقم إداري، إذ يشتغل المدير وحيدا داخل إدارة متعددة المهام والعمليات، خاصة وان هناك مدارس بها مئات التلاميذ والتلميذات.
وتساءل كيف أن هذه المذكرة التي خضعت إلى التجريب في بعض النيابات ولاقت إكراهات ومشاكل، تم إنزالها فوريا بتاريخ 13 دجنبر، أي بعد مرور أزيد من ثلاثة أشهر عن انطلاق الموسم الدرسي، ستحقق نجاحا في التنفيذ بمختلف المؤسسات التعليمية بالوسطين القروي والحضري، خاصة أن الوزارة لم تحترم المذكرة نفسها التي تدعو فيها الأكاديمية إلى أجرأتها في بداية الموسم، ونحن عمليا وصلنا إلى زمن المرحلة الثانية من تنفيذها، في الوقت الذي لم تتم أصلا إجراءات عمليات المرحلة الأولى.
0 التعليقات:
إرسال تعليق