يعتبر تفوق الأبناء والبنات في دراستهم من أكبر النعم التي ينعم بها الله عزوحل عليهم,لانه سيكون السبب الأساسي في نجاحهم وتحقيق طموحاتهم في المستقبل سواء في عملهم ووظيفتهم أو في علاقاتهم الإجتماعية أو السياسية,كما أنه أيضاً سيكون سبباً أساسياً في تحسين مستواهم المعيشي وفي راحتهم وسعادتهم وسرورهم في الدنيا وفي الأخرة إن شاء الله تعالى.
ولكن هل ينعم الله عزوجل بهذه النعمة على من شاء من عباده ويحرم منها من شاء من عباده دون أن يكون لإرادة العبد أولإسرته أي دخل في ذلك؟أم أنها مثل الكثير من النعم لا تأتي إلا بسعي وجد واجتهاد ومثابرة من الطالب أو الطالبة وبعمل دؤوب ودور فعال من الأسرة؟وهل بإمكان الأسرة أن تجعل أبنائها وبناتها يتفوقون في دراستهم حتى ولو كانوا يتمتعون بذكاء عادي أم أنه لا يمكن للطالب أوالطالبة التفوق في الدراسة إلا إذا كان يتمتع بذكاءكبير؟وماذا يجب على الأسرة القيام به تجاه أبنائها وبناتها لكي يتفوقوا في دراستهم؟
في البداية لا يمكننا أن نتجاهل أو نتناسى أن العامل الرئيسي في تفوق الأبناء والبنات هو الذكاء,ولكن مع ذلك لا يمكننا تجاهل العوامل الأخرى التي قد تكون عاملاً أساسياً في تفوق الكثير من الأبناء والبنات الذين يتمتعون بذكاء عادي ومنها أهتمام الطالب والطالبة والجد والمذاكرة والإجتهاد وإهتمام الأسرة وإهتمام المدرسة وتوافر المدرسين الأكفاء وغير ذلك من العوامل,وبما أن العامل الرئيسي في تفوق الأبناء والبنات هو الذكاء فأن ذلك يعني أن أنعدام الذكاء في الطالب والطالبة يجعل تفوقه أمراً مستحيلاً,مهما توافرت بقية العوامل,فالطالب أو الطالبة الذي يعاني من تخلف عقلي وكذاالطالب أو الطالبة الذي يكون نسبة الذكاء لديه ضئيلة جداً والذي ينعت بـ(الغبي أو الغبية)يكون تفوقهم في الدراسة أمراً مستحيلاً مهما حاولت الأسرة والمدرسة أن يقوما بواجباتهما من أجل أن يتفوقوا فأنه لايمكنهم التفوق,ومن هذا المنطلق نجد أن تفوق الأبناء والبنات في الدراسة له ثلاث صور تختلف بإختلاف نسبة الذكاء الذي يتمتع به الطالب أوالطالبة,فكلما أزدادت نسبة الذكاء لدى الطالب أو الطالبة قل مجهوده ونسبة مذاكرته وقل دور الأسرة في تفوقهم وكلما قلة نسبة الذكاء لدى الطالب والطالبة ازداد دورالأسرة ومسئوليتها ولزم على الطالب أوالطالبة من أجل أن يتفوق في دراسته مضاعفة الجد والإجتهاد والمذاكرة ولأوقات طويلة وهذه الصور هي:
الصورة الأولى:تفوق فطري.
فقد يتفوق بعض الأبناء والبنات بسبب ما يتمتعون به من ذكاء فطري حاد,فهم سريعين الحفظ والفهم نبهاء ذات عقلية ناضجة,فبمجرد أن يشرح المدرس في الفصل يفهمون الدرس بسرعة ولا ينسونه طيلة حياتهم,وهؤلاء في الحقيقة هم نسبة قليلة جداً في المجتمع,وإذا كان للأسرة أي دور في تفوقهم فأنه لن يكون سوى دوربسيط ليس دوراً أساسياً,وذلك من خلال قيام الأسرة ببعض الأمور التي سوف نبينها لاحقاً,لأن مثل هؤلاء يعتبرون نوابغ ومميزين ولهذا فأنهم لا يحتاجون لكي يتفوقوا سوى إلى القليل من الإجتهاد والمذاكرة,وبامكانهم التفوق على مجرد شرح المدرس في الفصل وقليل من المراجعة وكتابة الواجبات والمواظبة وإلى جزء بسيط من إهتمام الأسرة للمحافظة على تفوقهم وحمايتهم من الضياع والإنحلال فقط,فكم نجد على الواقع من طلاب وطالبات أخوة يكونوا متفوقين في دراستهم واحداً تلو الأخر,مع أن الأب والأم أميون لا يقرأون ولا يكتبون ولا يقومون بأي دور تجاه تفوق أبنائهم وبناتهم,وقد يكون هناك أخوة تتفاوت نسبة الذكاء لديهم فنجد بعضهم متفوقون في دراستهم والبعض الأخر غير متفوقين,مع أنهم يحضون بنفس الإهتمام والرعاية من أسرتهم وبنفس الإهتمام من مدرستهم.
الصورة الثانية:تفوق مختلط .
حيث يكون تفوق الأبناء والبنات نتيجة الذكاء الكبير الذي يتمتعون به والإجتهاد والمذاكرة وإهتمام الأسرة,ولولا المذاكرة لما كان بعضهم من أوائل المتفوقين ولتمكن بعضهم من النجاح فقط,فكم نرى في المجتمع طلاب وطالبات يكونوا في السنوات الأولى من دراستهم من أوائل المتفوقين وعندما يكبرون ويصلون إلى الصفوف الأخيرة من التعليم الأساسي أو إلى المرحلة الثانوية يقل أهتمامهم ويبداون بالإهمال والتقصير ويقل إهتمام الأسرة فيبدأ مستوى تحصيلهم الدراسي يقل عام بعد عام بالتدريج حتى يكونوا من أواخر المتفوقين أو من الطلاب الناجحين فقط .
الصورة الثالثة:تفوق مكتسب.
يكون تفوق الأبناء والبنات في هذه الصورة بسبب جدهم وإجتهادهم ومذاكرتهم لاوقات طويلة وهؤلاء هم الذين يكون للأسرة دور كبير وأساسي في تفوقهم,لأن المذاكرة لأوقات طويلة وإهتمام الأسرة هو العامل الرئيسي في تفوقهم,فلا يمكنهم التفوق من دونه.
وهكذا نجد أن بإمكان الأسرة أن تساهم مساهمة جادة وفاعلة في تفوق الأبناء والبنات سواء من خلال الحفاظ على مستوى الأبناء والبنات المتفوقين الذين يتمتعون بذكاء حاد أو بذكاء كبير أومن خلال جعل الأبناء والبنات الذين يتمتعون بنسبة ذكاء عادي يتفوقون في دراستهم وذلك من خلال قيام الأسرة بالأمور التالية:
1-تنشئة الأبناء والبنات تنشئةً حسنة وتربيتهم على الفضيلة والتقى والصلاح في القول والعمل وعلى إتباع تعاليم الإسلام وإجتناب نواهيه ومحضوراته,وعلى التواضع والوقار وحسن الخلق وتأديبهم بأدآب الإسلام وأخلاقه قولاً وفعلاً والتنزه عن الاقوال الفاحشة,وحثهم على المواضبة على الصلاة وعلى حضور مجالس الذكر وحلقات العلم التي تقام في المساجد وعلى إحترام أخوانهم واهلهم وجيرانهم وأفراد مجتمعهم وأحترام مدرسهم وزملاءهم وعدم التكلم في الفصل أثناء الدرس وعدم مخاطبة المدرس أو طرح سؤال له إلا بأذنه وعدم التلفظ بالالفاظ السيئة أوالمشاغبة في المدرسة,والجلوس في فصولهم بأدب ووقار والحفاظ على أثاث المدرسة.
2-غرس حب العلم في قلوب الأبناء والبنات منذ الصغر,وإخبارهم بأهمية العلم والتعلم في حياة الفرد والأسرة والمجتمع ودوره الفاعل في بناء الحضارات وتقدم الدول وتطورها وإزدهارها,وحثهم على التعلم وعلى طلب العلم ليس من أجل الوظيفة أو من أجل المال أو من أجل الشهرة وأنما من أجل العلم بأعتباره الكنز الذي لا تفنى ذخائره.
3- وضع جدول أعمال يومي للأبناء والبنات ينظم فيه مواعيد أعمالهم اليومية,يلزمون بالتقيد به والسير عليه,حيث يحدد فيه مواعيد(الأكل والمذاكرة وكتابة الواجبات والصلاة وتلاؤة القرآن الكريم والنوم والقيام من النوم ومراجعة الدروس والذهاب إلى المدرسة والعودة من المدرسة إلى البيت والإستراحة واللعب)ويلتزمون بأداء كل عمل منها في موعده المحدد في الجدول.
4- الإهتمام بالأبناء والبنات منذ دخولهم المدرسة ومنذ بداية العام الدراسي,وذلك من خلال مراجعة دروسهم والمذاكرة لهم منذ الصف الأول من التعليم الأساسي وتعليمهم الدروس الأساسية في القراءة والكتابة والإملاء والدروس الأساسية في الحساب(كتابة الأرقام وقراءتها والجمع والطرح والقسمة والضرب)وإلزام الأبناء والبنات بأداء واجباتهم المدرسية أول بأول وبالحضور في جميع الحصص.
5-متابعة مستوى الأبناء والبنات الدراسي بصورة مستمرة من خلال زيارتهم إلى المدرسة وتفقد أحوالهم والإطلاع على مستوى تحصيلهم العلمي من خلال المدرسين وحثهم على الإهتمام والتركيز مع المدرسين أثناء إلقاء الدروس في الفصل,وعدم الشرود الذهني أثناء الشرح ومناقشة المدرسين وطرح الاسئلة عليهم في أي شئ لم يتمكنوا من فهمه خلال شرح الدرس.
6- إنشاء مكتبة منزلية تضم العديد من الكتب الإسلامية النافعة في شتى مجالات العلوم والتي منها كتب التفسير والحديث والعقيدة والفقه والسيرة والمغازي وكتب الشعر والأدب والثقافة العامة والألغاز وكتب التاريخ والجغرافيا وعلوم الأرض والفيزياء والرياضيات وغيرها,وكذا توفيرالمجلات الدينية والثقافية النافعة وإلزام الأبناء والبنات بقراءة تلك الكتب والمجلات أثناء الفراغ أوفي أوقات محددة لذلك يومياً,لأن ذلك بلا شك له دور فعال في تنمية أفكارهم وتغذية عقولهم.
7- إلحاق الأبناء والبنات في دورات خاصة لتعلم اللغة الانجليزية والكمبيوتر في معاهد تعليم الكمبيوتر واللغات وكذا إلحاقهم بمدارس تحفيظ القرآن الكريم خلال الأجازة الصيفية وأوقات الفراغ وحثهم على إستغلال الوسائل المتاحة في عصرنا هذا لما خيرهم وما فيه فائدتهم ومنفعتهم في الدنيا والأخرة وتفوقهم في دراستهم.
8- إلزام الأبناء والبنات بالنظافة سواء من خلال الإغتسال الدوري ولبس الملابس النظيفة وقص الشعر وتسريحه وتقليم الأظافر والإهتمام بهندامهم أثناء ذاهبهم إلى المدرسة لأن نظافة الجسم والملابس يجنبهم الإصابة بالأمراض التي يكون لها تأثير كبير على نفسية الطالب وعلى مستواه الدراسي لأنها تسبب له الإكتئاب النفسي والألم والوجع وتعيقه من المواظبة والمذاكرة والتركيز إلى المدرس أثناء الشرح,فالحكمة العربية تقول(العقل السليم في الجسم السليم)كما أن نظافة الطالب وحسن هندامه سبباً أساسياً لنيل حب المدرسين واهتماهم.
9- مراقبة تصرفات الأبناء والبنات ومتابعة تحركاتهم بصورة دائمة ومستمرة,ومعرفة كل ما يتعلق بأمور حياتهم ودراستهم,معرفة أين يذهبون عند خروجهم من المنازل ومع من يمشون ويجلسون ويلعبون ومن يصادقون,لكي يتسنى للأسرة إختيار جلساء الخير لهم ومنعهم من مجالسة الفاسدين منذ البداية من أجل حمايتهم من الضياع والإنحراف وحمايتهم من تأثير الجلساء والأصحاب الذين يؤثرون عليهم تاثيراً سلبياً.
10-حماية الأبناء والبنات من وسائل الضياع وذلك من خلال منعهم من مشاهدة قنوات الكرتون لاوقات طويلة على حساب المذاكرة وكتابة الواجبات المدرسية ومنعهم من الإدمان على ألعاب
11-مناقشة مشاكل وهموم الأبناء والبنات إن وجدت,وتوفير جميع متطلباتهم وتوفير الجو المناسب للمذاكرة وتذليل الصعوبات التي قد تعيقهم وتمنعهم من التفوق وعدم إظهار أي مشاكل أسرية أمامهم أو حشرهم فيها,وحسن التعامل معهم بعيداً عن الضرب أو الإيذاء الجسدي ومعالجة أخطاءهم بالحكمة والعقل وإفهامهم ماهو الخطأ الذي يجب عليهم تجنبه وماهو الصح الذي يجب عليهم القيام به وإشعارهم بالمسئولية وبواجباتهم التي يجب عليهم القيام بها من تلقاء أنفسهم دون أن يأمرهم رب الأسرة بذلك والتي منها المذاكرة وكتابة الواجبات المدرسية.
12-تشجيع الأبناء والبنات على الإبداع وإظهار مواهبهم وقدراتهم الفكرية أو البدنية في شتئ مجالات الإبداع كالإنشاد والرسم والخط وكتابة الشعر والأدب والقصص والمشاركة في الصحف والمجلات بكتابة المقالات في شتئ شئون الحياة وبالقصائد الشعرية والمسابقات الثقافية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق