أثار صدور المذكرة 179 الخاصة بتأطير وتتبع إجراء فروض المراقبة المستمرة بسلك التعليم الابتدائي ردودا متباينة لدى المدرسين، إذ فاجأتهم المذكرة التي تزامنت مع فترة إدماج الموارد. وتعالت أصوات الرافضين لإجراءات المذكرة التي حددت جدولة زمنية صارمة لم تستحضر المجهودات المبذولة من قبل المؤطرين والمدرسين الذين كانوا يطبقون معايير المراقبة المستمرة في طابعها العادي التي أفرزت نتائج ملموسة انعكست إيجابا على مردودية التعليم، لكن صدور المذكرة 179 سيخلق تناقضا لدى المدرسين الذين تلقوا تكوينات في إطار بيداغوجيا الإدماج ما أضر بالعملية التعليمية برمتها بعد التنصيص على تفعيل المذكرة دون استشارة الفاعلين في المجال.
واعتبر مصطفى بنجارتي المراقبة المستمرة أداة تقويمية مميزة في نظامنا التعليمي، إذ تمكن الأستاذ من تتبع المسار الفردي للتلميذ في كل مراحل التعلم لقياس مدى تحقق الأهداف التعليمية الخاصة بكل مستوى، وبالتالي تساهم في إرساء الموارد الكفيلة بتنمية الكفايات المستهدفة لدى المتعلمين والمتعلمات. ونظرا لما يكتسيه الموضوع من أهمية بالغة في تطوير نظام التقويم والإشهاد في التعليم المدرسي، أصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرات تنظيمية عدة في هذا الشأن على أساس ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص.
وذكر من بينها أولا المذكرة 175 الصادرة بتاريخ 19 - 11 من السنة الجارية، إذ أوضحت بشكل جلي الموجهات العامة للمراقبة المستمرة وأساليبها وأشكالها، ثم الإجراءات المعتمدة على مستوى التأطير والتنظيم والتتبع واستثمار النتائج واحتساب المعدل العام للمراقبة المستمرة.
بعدها، صدرت المذكرة رقم 179 الصادرة بتاريخ 13 من دجنبر الجاري، والتي رامت تأسيس تعاقد إيجابي بين مختلف الفاعلين التربويين وأبرزت مواصفات اختبارات المراقبة المستمرة، وحددت مجالات ومكونات الوحدات الدراسية المعنية بالمراقبة المستمرة الخاصة بسلك التعليم الابتدائي.
وأشار بنجارتي إلى أن الإجراءات التنظيمية وبالضبط الجدولة الزمنية المحددة لإجراءات الاختبارات تتعارض والإطار المنهجي الذي أقرته بيداغوجيا الإدماج التي تحث الأستاذ على اتباع ثلاث محطات أساسية: ستة أسابيع لإرساء الموارد وأسبوعين للإدماج، الأسبوع الأول لتعلم الإدماج والثاني لتقويم الإدماج. وتساءل بنجارتي عن جدوى المراقبة المستمرة التي تهتم في جوهرها بنتائج الفروض والتمارين الكتابية والشفهية والأنشطة المنجزة في القسم وكذا الأنشطة المنزلية، إضافة إلى مشاركة التلاميذ داخل الفصل، علاوة على الأحكام الذاتية الصادرة عن الأستاذ معتبرا أن هذا النوع من التقييمات يساهم بشكل كبير في اتخاذ كل التدابير اللازمة لدعم التلاميذ المتعثرين بفضل تدخل مجالس الأقسام وخلايا اليقظة من خلال استثمار شبكة تتبع التعلمات التي يحويها دفتر التتبع الفردي للتلميذ.
وأورد بنجارتي مفارقة وردت في المذكرة 74 الصادرة بتاريخ 9 أبريل من السنة الجارية الخاصة بالمراقبة المستمرة، إذ تقول الفقرة “ تروم أنشطة المراقبة المستمرة تقوية الموارد والكفايات خلال المراحل الأربع من السنة الدراسية في مختلف مستويات التعليم الابتدائي، وتأخذ خلال المرحلتين الأولى والثانية طابعا تكوينيا بالنسبة إلى التقويم الكفايات بحيث لا تحتسب نتائجها خلال هاتين المرحلتين ويتم توظيفها حصرا عن تعثرات التحصيل ومعالجتها”.
واستنتج بنجارتي غموضا في المذكرة ما يستلزم توضيحا أكثر ليحصل التناغم والتجانس في فحوى المذكرتين سالفي الذكر، سيما أن تحديد الجدولة الزمنية في المذكرة 179 يقتضي تدخلا فوريا حتى يتمكن الأستاذ من وضع تخطيط مرحلي مضبوط يتضمن الحيز الزمني الخاص بالفروض الكتابية على مستوى الموارد وفقا لمواصفات الاختبارات التي تقيس مدى تحقق الأهداف التعليمية التي تلقاها التلميذ خلال الأسابيع الستة، ثم التفكير في صيغ تلائم تقويم الكفايات.
وأشار بنجارتي إلى أن مديرية التقويم والحياة المدرسية التي تولي اهتماما كبيرا لعمليات التقويم بشتى أنواعها وتسعى إلى تأسيس تعاقد إيجابي بين كافة الفاعلين التربويين والشركاء سيما الشريك الرسمي والتقليدي للمؤسسة والمتمثل في جمعية أمهات وآباء التلاميذ.
واعتبر أن الجدولة الزمنية المخصصة للمراقبة المستمرة وفقا للمذكرة 179 لا تسمح للأب أو الأم بمتابعة مسار ابنها أو ابنتها عن قرب إذا لم تتوصل بالنقط المحصل عليها حتى الأسبوع السابع أو الثامن من المرحلة الأولى.
أما في ما يخص الأطر المرجعية الخاصة بالامتحانات الإشهادية في جميع أسلاك التعليم، فذكر بنجارتي أن جل الآباء يجهلون شقيها البيداغوجي والقانوني، وبالتالي تنتظرنا جهود كبرى حتى نتمكن من إرساء جميع آليات التقويم بشكل يسمح لجميع الفاعلين التعامل بشكل تشاركي يؤسس لثقافة جديدة تيسر وتدعم ركائز مدرسة النجاح، النجاح للجميع، وفق ما يرتضيه البرنامج الاستعجالي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق