عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة. رواه مسلم

عناويـــــــن متــــفرقـــة

  المجلة التربوية الشاملة : التوصل بإعلانات مباريات البكالوريا 2014 فورا بعد الاعلان عنها على هاتفك النقال و على بريدك الالكتروني °°  السيد الوزير يستقبل جمعيات قطاع التعليم الخصوصي بالمغرب °°  الكفايات في الخطاب التربوي /التعاقد، المرونة، الانفتاح، التجريب، الإبداع °°  بيداغوجيا الإدماج في سياق تطوير مناهج التعليم °°  دور المدرسة والأسرة في التربية °°  بيداغوجيا الإدماج و دور المعلم   °°  الأسلوب الإلقائي والأسلوب الاستجوابي   °°  أهم أدوار المدرس وتقنيات التنشيط في بيداغوجيا الكفايات °°  أقوال لمشاهير المربين عن التربية الحديثة °°  الفشل الدراسي °°  الهدف التعلمي L'Objectif d’apprentissage °°  مدرسة النجاح أم مدرسة الترقيع °° °° ظاهرة العقاب البدني °°         الكفايات في الخطاب التربوي /التعاقد، المرونة، الانفتاح، التجريب، الإبداع - °°  بيداغوجيا الإدماج في سياق تطوير مناهج التعليم °°  دور المدرسة والأسرة في التربية °°  بيداغوجيا الإدماج و دور المعلم   °°  الأسلوب الإلقائي والأسلوب الاستجوابي   °°  أهم أدوار المدرس وتقنيات التنشيط في بيداغوجيا الكفايات °°  أقوال لمشاهير المربين عن التربية الحديثة °°  الفشل الدراسي °°  الهدف التعلمي Objectif d’apprentissage °°  مدرسة النجاح أم مدرسة الترقيع °° المذكرة 204... صعوبات بالجملة والقادم أسوأ °° مُول الماط" أو مادة الرياضيات (خطوط حمراء) °° دور الأسرة في تفوق الأبناء في الدراسة °°      

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم

المادة الأولى:
يُقصد بالمصلطحات الآتية المعاني الموضحة قرين كل منها:
أخلاقيات مهنة التعليم: السجايا الحميدة والسلوكيات الفاضلة التي يتعيَّن أن يتحلى بها العاملون في حقل التعليم العام فكراً وسلوكاً أمام الله ثم أمام ولاة الأمر وأمام أنفسهم والآخرين وتُرتب عليهم واجبات أخلاقية.
المعلم: المعلم والمعلمة والقائمون والقائمات على العملية التربوية من مشرفين ومشرفات ومديرين ومديرات ومرشدين ومرشدات ونحوهم.
الطالب: الطالب والطالبة في مدارس التعليم العام وما في مستواها.
المادة الثانية: أهداف الميثاق:
يهدف الميثاق إلى تعزيز انتماء المعلم لرسالته ومهنته والارتقاء بها والإسهام في تطوير المجتمع الذي يعيش فيه وتقدمه وتحبيبه لطلابه وشدهم إليه، والإفادة منه وذلك من خلال الآتي:
المادة الثالثة: رسالة التعليم:
المادة الرابعة: المعلم وأداؤه المهني:
المادة الخامسة: المعلم وطلابه:
المادة السادسة: المعلم والمجتمع:
المادة السابعة: المعلم والمجتمع المدرسي:
المادة الثامنة: المعلم والأسرة: 


 1- توعية المعلم بأهمية المهنة ودورها في بناء مستقبل وطنه. 
2- الإسهام في تعزيز مكانة المعلم العلمية والاجتماعية.
3- حفز المعلم على أن يتمثل قيم مهنته وأخلاقها سلوكاً في حياته.
1- التعليم رسالة تستمد أخلاقياتها من هدي شريعتنا ومبادىء حضارتنا وتوجب على القائمين بها أداء حق الانتماء إليها إخلاصاً في العمل، وصدقاً مع النفس والناس، وعطاءً مستمراً لنشر العلم وفضائله.
2- المعلم صاحب رسالة يستشعر عظمتها ويؤمن بأهميتها ويؤدي حقها بمهنية عالية.
3- اعتزاز المعلم بمهنته وإدراكه المستمر لرسالته يدعوانه إلى الحرص على نقاء السيرة وطهارة السريرة، حفاظاً على شرف مهنة التعليم. 
1- المعلم مثال للمسلم المعتز بدينه المتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أقواله، وسطياً في تعاملاته وأحكامه
2- المعلم يدرك أن النمو المهني واجب أساس، والثقافة الذاتية المستمرة منهج في حياته يطوِّر نفسه وينمي معارفه منتفعاً بكل جديد في مجال تخصصه وفنون التدريس ومهاراته.
3- يدرك المعلم أنَّ الاستفامة والصدق، والأمانة، والحلم، والحزم، والانضباط، والتسامح، وحسن المظهر، وبشاشة الوجه، سمات رئيسة في تكوين شخصيته.
4- المعلم يدرك أنَّ الرقيب الحقيقي على سلوكه بعد الله سبحانه وتعالى، هو ضمير يقظ وحس ناقد، وأنَّ الرقابة الخارجية مهما تنوعت أساليبها لا ترقى إلى الرقابة الذاتية، لذلك يسعى المعلم بكل وسيلة متاحة إلى بث هذه الروح بين طلابه ومجتمعه ويضرب المثل والقدوة في التمسك بها.
5- يسهم المعلم في ترسيخ مفهوم المواطنة لدى الطلاب وغرس أهمية مبدأ الاعتدال والتسامح والتعايش بعيداً عن الغلو والتطرف.
1- العلاقة بين المعلم وطلابه والمعلمة وطالباتها لحمتها الرغبة في نفعهم، وسداها الشفقة عليهم والبر بهم، أساسها المودة الحانية وحارسها الحزم الضروري، وهدفها تحقيق خيريّ الدنيا والآخرة للجيل المأمول للنهضة والتقدم.
2- المعلم قدوة لطلبه خاصة وللمجتمع عامة، وهو حريص على أن يكون أثره في الناس حميداً باقياً، لذلك فهو يستمسك بالقيم الأخلاقية والمثل العليا ويدعو إليها وينشرها بين طلابه والناس كافة ويعمل على شيوعها واحترامها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
3- يحسن المعلم الظن بطلابه ويعلمهم أن يكونوا كذلك في حياتهم العامة والخاصة ليلتمسوا العذر لغيرهم قبل التماس الخطأ ويروا عيوب أنفسهم قبل رؤية عيوب الآخرين.
4- المعلم أحرص الناس على نفع طلابه يبذل جهده كله في تعليمهم وتربيتهم، وتوجيههم يدلهم على طريق الخير ويرغِّبهم فيه ويبيّن لهم الشر ويذودهم عنه في رعاية متكاملة لنموهم دينياً وعلمياً وخلقياً ونفسياً واجتماعياً وصحياً.
5- المعلم يعدل بين طلابه في عطائه وتعامله ورقابته وتقويمه لأدائهم، ويصون كرامتهم ويعي حقوقهم، ويستثمر أوقاتهم بكل مفيد، وهو بذلك لا يسمح باتخاذ دروسه ساحة لغير ما يُعنى بتعليمه في مجال تخصصه.
6- المعلم أنموذج للحكمة والرفق، يمارسهما ويأمر بهما ويتجنب العنف وينهي عنه ويُعوِّد طلابه على التفكير السليم والحوار البنّاء وحسن الاستماع إلى آراء الآخرين والتسامح مع الناس والتخلق بخلق الإسلام في الحوار ونشر مبدأ الشورى.
7- يعي المعلم أن الطالب ينفر من المدرسة التي يُستخدم فيها العقاب البدني والنفسي، لذا فإن المربي القدير يتجنبهما وينهى عنهما.
8- يسعى المعلم لإكساب الطالب المهارات العقلية والعلمية، التي تنمي لديه التفكير العلمي الناقد، وحب التعلم الذاتي المستمر وممارسته. 1- يعزز المعلم لدى الطلاب الإحساس بالانتماء لدينه ووطنه، كما ينمي لديهم أهمية التفاعل الإيجابي مع الثقافات الأخرى، فالحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها.
2- المعلم أمين على كيان الوطن ووحدته وتعاون أبنائه.. يعمل جاهداً لتسود المحبة المثمرة والاحترام الصادق بين المواطنين جميعاً وبينهم وبين أُولي الأمر منهم، تحقيقاً لأمن الوطن واستقراره وتمكيناً لنمائه وازدهاره وحرصاً على سمعته ومكانته بين المجتمعات الإنسانية الراقية.
3- المعلم موضع تقدير المجتمع واحترامه وثقته، وهو لذلك حريص على أن يكون في مستوى هذه الثقة وذلك التقدير والإحترام ويحرص على ألا يؤثر عنه إلا ما يؤكد ثقة المجتمع به واحترامه له.
4- المعلم عضو مؤثر في مجتمعه تُعلق عليه الآمال في التقدم المعرفي والارتقاء العلمي والإبداع الفكري والإسهام الحضاري ونشر هذه الشمائل الحميدة بين طلابه.
5- المعلم صورة صادقة للمثقف المنتمي إلى دينه ووطنه، الأمر الذي يلزمه توسيع نطاق ثقافته وتنويع مصادرها ليكون قادراً على تكوين رأي ناضج مبني على العلم والمعرفة والخبرة الواسعة، يُعين به طلابه على سعة الأُفق ورؤية وجهات النظر المتباينة باعتبارها مكونات ثقافية تتكامل وتتعاون في بناء الحضارة الإنسانية.
1- الثقة المتبادلة والعمل بروح الفريق الواحد هما أساس العلاقة بين المعلم وزملائه وبين المعلمين والإدارة التربوية
2- يدرك المعلم أن احترام قواعد السلوك الوظيفي والالتزام بالأنظمة والتعليمات وتنفيذها والمشاركة الإيجابية في نشاطات المدرسة وفعالياتها المختلفة أركان أساسية في تحقيق أهداف المؤسسة التعليمية.
1- المعلم شريك الوالدين في التربية والتنشئة فهو حريص على توطيد أواصر الثقة بين البيت والمدرسة.
2- المعلم يعي أن التشاور مع الأسرة بشأن كل أمر يهم مستقبل الطلاب أو يؤثر في مسيرتهم العلمية وفي كل تغيُّر يطرأ على سلوكهم أمر بالغ النفع والأهمية.
3- يؤدي العاملون في مهنة التعليم واجباتهم كافة ويصبغون سلوكهم كله بروح المبادىء التي تضمنتها هذه الأخلاقيات ويعملون على نشرها وترسيخها وتأصيلها والالتزام بها بين زملائهم وفي المجتمع بوجه عام.

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

مراحل بناء الدرس التعليمي



التدريس عملية معقدة يشترك فيه النظري بالتطبيقي ويستهدف تحقيق أهداف نظرية بطرق عملية تطبيقية.وتشمل هذه العملية عدة مراحل لن نقيم كل مرحلة بمفرها وانما يكون تقييمها كجزء من الكل(العملية التعليمية).
ولكي نفهم درجة تعقيد العملية التعليمية دعنا نطل على المراحل التي تمر منها العملية التعليمية.
 هناك ثلاث مراحل رئيسية في العملية التعليمية.
1- مرحلة الاعداد :
 وتهم تحضير الدرس سواء من طرف المعلم أو التلميذ.حيت يحرص المعلم على تحديد أهداف الدرس أولا تم إدراج الأساليب والخطوات المناسبة القابلة للتغيير حسب سير الدرس.كما يحدد البدائل البيداغوجية التي من شأنه استعمالها في حالة عدم جدوى الأنشطة الرئيسية.وارتباطا بهذه المرحلة يوجه المعلم تلاميذه الى ما يجب ان يقوموا به من أنشطة قبل بداية الدرس حيت يسمى ذلك نشاطا قبليا أو تحضيريا.
2-مرحلة التنفيد
هي التي يتم فيها التواصل المباشر بين التلاميذ والمعلم وبينهم بعضهم ببعض.وهناك يتم أولا تصحيح المعلومات والمعارف المسبقة في ذهن التلاميذ , تم تنفيد المراحل والخطوات المحددة في تحضير الدرس مع الحرص على تغيير او اضافة أي نشاط يستوجبه الموقف التعليمي التربوي.
ولا يشكل المعلم هنا المصدر الوحيد للمعلومة أو المعرفة,بل يمكن للتلاميذ أن يشكلوا مصادر معرفية لبعضهم البعض من خلال تبادل المعارف .وهذا تحققه درجة الإنسجام وطبيعة العلاقات السائدة بين عناصر الفصل ودرجة انسجامهم وحماسهم للمعرفة.
3-مرحلة التقييم والدعم :
 من الطبيعيي ان يحاول كل من عمل عملا التأكد من نجاعته ومن درجة تحقق أهدافه .وهنا وجب التذكير ان عملية التقييم لا تستهدف  تقييم درجة فهم التلميد واستيعابه للدروس فحسب .بل تستهدف تقييم درجة نجاعة العملية التعليمية بشكل عام من طرق وأساليب تعليمية ووسائل بيداغوجية وغيرها.
فعدم تحقق الأهداف التعليمية لا يعني ان الخلل في التلميذ بل يمكن أن يكون في خطوات الدرس التحضيرية أو التنفيدية أو في الوسائل البيداغوجية أو أساليبها.
كما تنهل عملية التقييم اهميتها من خلال كونها مفتاحا لعملية أحرى هي عملية التقويم او الدعم.وهي المرحلة التي يتم فيها استغلال معلومات التقييم لدعم الأهداف التعليمية التي تم تحققها وتقوييم الأخطاء التي قد يرتكبه التلاميذ.
لا شك انكم لاحظتم اني جمعت المرحليتين معا (التقييم والدعم) ليس لأنهما يشكلان مرحلة واحدة .بل لشدة ارتباطهما فالتقييم يحيل مباشرة على الدعم لكنه يكشف اوجه الخلل في التحصيل التعلمي/التربوي.
إن أهمية العملية التعليمية لا تكمن فقط في ما تحققه للتلميذ من كفايات ومعلومات ومعارف ,بل ايضا في تنمية الحس التواصلي للتلميذ من خلال تعوديه على الإندماج بفعالية داخل المجموعة(الفصل) ومن هنا وجب التركيز ما أمكن على الأنشطة التواصلية كالعمل الثنائي أو الجماعي.

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

تقويم العملية التعليمية


التقويم عملية هامة وضرورية ومكملة للتدريس، كما أنه عملية تحدث باستمرار فى حياة الأفراد لمحاولة الوصول إلى الأفضل، وصدق الله العظيم إذ يقول { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ
والتقويم فى اللغة هو تقدير شئ معين أى أنه عملية تقدير قيمة هذا الشئ ومعرفة قاموس وبستر ” بأنه التحقيق من قيمة “.
ويرى أبو حطب وسيد عثمان: بأنه عملية إصدار الحكم على قيمة الأشياء أو الأشخاص أو الموضوعات، كما يتضمن أيضاً معنى التحسين أو التعديل أو التطوير الذى يعتمد على هذه الأحكام.
بينما ترى رمزية الغريب: ” بأنه الحكم على الشئ “.
ويعرفه الدمرداش سرحان، ومنير كامل: بأنه ” هو العملية التى يلجأ إليها المربى لمعرفة مدى نجاحه فى تحقيق الأهداف التى يسعى إليها “.
ويضيف فرنسيس عبد النور: ” بأنه العملية التى يتم بها إصدار حكم على مدى وصول العملية التربوية إلى أهدافها ومدى تحقيقها لأغراضها والعمل على كشف نواحى النقص فى العملية التربوية أثناء سيرها واقتراح الوسائل لتلافى هذا النقص “.
تعريف عصمت مطاوع، وواصف عزيز: ” بأنه التعرف على نمو الطالب فى جميع نواحى شخصيته، من النواحى العقلية، والعملية، والنواحى العاطفية أو الوجدانية “.
تعريف بسيونى عميرة، وفتحى الديب: ” بأنه عملية تشخيصية وقائية علاجية تستهدف الكشف عن مواطن القوة والضعف فى التدريس بقصد عملية التعليم والتعلم وتطويرها بما يحقق الأهداف المنشودة “.
مما سبق ينضح أن التقويم وسيلة وليس غاية، حيث يمكننا من التعرف على ما حققناه من أهداف، كما توجهنا إلى الكشف عن مواطن الضعف لكى نعمل على إصلاحها وتلافيها.
وظائف التقويم:
للتقويم عدة وظائف رئيسية نلخصها فيما يلى:
1- أغراض تعليمية:
هذه الأغراض ذات فائدة فى تقدير مدى تقدم التلاميذ نحو أهداف تدريس التربية الرياضية، فعن طريق التقويم يمكن الكشف عن نواحى القوة والضعف عن التلاميذ وتوجيه العملية التعليمة بحيث تؤدى إلى تقدم التلاميذ ونموهم بصفة مستمرة، وبذلك يصبح التقويم عملية تشخيصية وقائية علاجية، وبذلك يكون التقويم قوة دافعة نحو تحفيز التلاميذ على التعليم.
2- أغراض إدارية:
يمكن أن يستخدم التقويم لخدمة أغراض المدرسة والتى تتمثل فى الاحتفاظ بسجلات نشاط لكل تلميذ يمكن الاستفادة منها عند نقل التلميذ من صف إلى آخر، وعند نقل التلميذ من مدرسة إلى أخرى، أو من مرحلة إلى أخرى.
3- أغراض توجيهية:
وذلك عن طريق جمع المعلومات عن كل تلميذ على حدة يمكن للمدرسين توجيه التلاميذ دراسياً ومهنياً.
4- أغراض بهدف البحث:
عن طريق الدراسات والتجارب العلمية القائمة على أسس عملية تتسم بالصدق والثبات والموضوعية، يمكن تحسين المقررات والوسائل التعليمية وطرق التدريس.
مجالات التقويم فى التربية والتعليم:
1- تقويم المعلم:
إن تقويم المعلم أمر ضرورى لنجاح الأهداف، ذلك أن المعلم هو قاعدة الهرم التنظيمى فى هيكل الوزارة، وإذا لم تصلح حال القاعدة فماذا يصبح حال من فوقها؟ وهو حجر الأساس فى ترجمة وتحقيق الأهداف التربوية العامة التى ترسمها الوزارة، هذا ويشترك فى تقويم المعلم ناظر المدرسة، والموجه، والمدرس الأول. ويجب أن يشترك مع هؤلاء المعلم نفسه، ثم التلاميذ لأن الأحكام التى ينقلها تلاميذه عنه لها دلالة كبيرة، فهم خير من يحكم على شخصية وطرائق تدريسه وغزارة مادته.
2- تقويم المنهج:
لما كان تطوير المناهج الدراسية عملية ضرورية لتحسين العملية التعليمية كان لابد من تقويم المناهج الحالية والاستفادة من نتائج التقويم فى إعادة بناء المنهج أو فى تحسين بعض جوانبه… ومن الأسئلة التى يهتم بها المقوم التربوى عندما يتعرض لتقويم منهج:
- هل يرتبط تسلسل محتوى المنهج بمستويات نمو التلاميذ؟
- هل تم اختبار الامكانات لوضع محتوى المنهج؟
- ما مدى أهمية وضرورة المحتوى المقترح؟
- ما مدى ترابط عناصر المحتوى وتكاملها؟
- ما مدى منطقية التسلسل فى المحتوى؟
- هل يسمح المحتوى المقترح لمراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ؟
- ما هى أنشطة التقويم البنائى المستمر التى تضمن تصحيح المسار أثناء تنفيذ المنهج؟
- ما أنشطة التقويم الختامى الذى يهدف إلى تقويم فاعلية العائد من هذا المنهج؟
- ما مدى استخدام البيئة كمصدر للخبرات فى المنهج؟
- ما مدى شمول الخبرات التعليمية للجوانب الثلاثة من السلوك الجانبى العقلى المعرفى، الجانب الانفعالى الوجدانى، الجانب البدنى الحركى؟
3- تقويم التدريس:
ويتضمن هذا المجال ثلاث اتجاهات هى:
*أ- البحث عن خصائص المدرسين كمعيار لكفاءة التدريس سواء كانت هذه الخصائص شخصية أو ثقافية أو مهنية.
*ب- البحث عن العملية التدريسية وما تم فيها من سلوك المدرس والتلميذ، وهذا المدخل فى التقويم يعتبر أساس التفاعل بين المدرس والتلميذ هو أساس التعليم، وهو مؤشر صادق لكفاءة التدريس.
*ج- البحث عن نتائج التعليم بإعتبارها المؤشر الأهم إن لم يكن الوحيد لكفاءة المدرس.
تقويم التلميذ:
التلميذ هو محور العملية التعليمية، وهو المحصلة النهائية للعملية التربوية، ويتم تقويم التلميذ من خلال صور شتى مثل الاختبارات العملية والنظرية والشفوية – البطاقات المدرسية والمنافسات، ولذا يجب مراعاة أن تكون عملية التقويم مستمرة طوال العام وشاملة لجميع جوانب التلميذ.
خطوات عملية التقويم:
يمكن تلخيص الخطوات التى تتبع فى عملية التقويم فى الآتى:
- تحديد الأهداف التقويمية المناسبة التى وضعت للعمل التربوى الذى يعمل المقوم بتقويمه ويفهمها ويمثلها تمثيلاً صادقاً لأنها تعتبر المرجع الأساسى لعملية القياس وبتحقيقها أو عدم تحقيقها يحكم على العمل التربوى بالفشل أو النجاح.
- تصنيف الأهداف على نحو ميسر اختبار الوسائل وإجراء التقويم.
- ترجمة هذه الأهداف إلى أنواع من السلوك يمكن ملاحظتها.
- تحديد المواقف التى يظهر فيها هذا السلوك.
فمن الضرورى أن تكون هناك مواقف يجد فيها الأفراد فرصة خاصة يظهرون فيها قدراتهم، وتعكس بشكل واضح هذه المواقف التى يتم تحديدها، ومدى ما وصل إليه التلاميذ وحققوه من نمو، وأيضاً ما تحقق من هذه الأهداف وما لم يتحقق، ويتم ذلك من خلال ملاحظة أنماط السلوك وقياسه.
- جمع البيانات عن سلوك التلاميذ بعد القيام بعملية التعليم:
التقويم ليس مجرد عملية قياس بل تتضمن تحليل هذا القياس، وذلك يحتم على المدرس الذى يقوم بعملية التقويم أن يحدد الطرق التى يقدر بها تلك البيانات التى تم تجميعها وتصنيفها وذلك بهدف استخلاص أهم النتائج المطلوبة وذلك باستخدام بعض الأساليب الإحصائية، وعلى ذلك يتم تصنيف النتائج وتحليلها وتفسيرها فى ضوء الأهداف المحددة لتحديد مدى التقدم والنمو ونواحى القوة والضعف للتوصل إلى ما قد يتطلبه الموقف من تعديل.
- اختبار أدوات ووسائل التقويم:
بعد الانتهاء من تحديد الأهداف وتوضيحها وتصنيفها وتحديد المواقف التربوية التى يمكن من خلالها ملاحظة أنماط السلوك، تكون الخطوة التالية والمنطقية هى اختبار أنسب الوسائل التى سوف يستخدمها المدرس فى التقويم والتى تختلف باختلاف الهدف من العملية التقويمية واختلاف المواقف التربوية التى تتم فيها عملية التقويم، ومن أهم وسائل التقويم فى مجال التربية الرياضية هى (الاختبارات – الملاحظة – المقابلة الشخصية – الاستبيان – مقاييس التقويم المدرجة – مقاييس العلاقات الاجتماعية – دراسة الحالة – المقاييس المورفولوجية) إلا أن فى مجال التربية الرياضية تعتبر الاختبارات والمقاييس هى الأكثر شيوعاً.
- تسجيل النتائج.
- استخدام نتائج التقويم فى التعديل ثم التطوير. التقويم فى التربية الرياضية:
ويذكر سمير على إبراهيم نقلاً عن حورية موسى، حلمى إبراهيم أن:
التقويم هو وسيلة موضوعية لمعرفة ما هو كائن بالفعل ومدى التقدم الذى يشمل أى برنامج سواء كان ذلك برنامج من اجل الصناعة أو برنامج دراسى أو برنامج تربية رياضية، لأنه كما نعلم أن البرنامج ما هو إلا الوسيلة الوحيدة التى تساعدنا على تحقيق هدف معين وبطريقة معينة، فمثلاً لكى نعد مدرساً للتربية الرياضية فإن برنامج كلية التربية الرياضية هو وسيلة تحقيق هذا الهدف، كذلك نجد أن من أجل دفع مستوى المعيشة فى جمهوريتنا المصرية العربية إعداد برنامج معين يصل به إلى إنتاج معين لتحقيق هذا الهدف وكان التصنيع، وكانت الزراعة فقرات هذا البرنامج ومن هنا كانت أهمية التقويم بصفة عامة وتقويم المناهج على وجه الخصوص وذلك حتى تستطيع الوقوف على نقاط الضعف والقوة للعمل على تعديل وإصلاح النقاط الضعيفة وكذلك تدعيم النقاط القوية.
فقد يكون البناء التخطيطى متكاملاً ولكنه عند تطبيقه لا يؤتى الثمار المرجوة منه، وهنا كانت أهمية التقويم، والغرض من التقويم هو معرفة مدى تحقيق البرنامج للأهداف المرجوة، وليس معنى ذلك أن التقويم يشمل التنفيذ فحسب بل أن الإعداد والتخطيط قد يحتاجا إلى عملية التقويم، ويأتى نتيجة للتقويم عملية تعديل إما فى الإعداد أو فى التنفيذ.

أسس تربوية لتقويم غطرسة صغيرك





يؤكّد خبراء علم النفس في "مركز أبحاث الأطفال" بالولايات المتحدة الأميركية (The Childrens Research Centre) أنّ الغطرسة صفة سيِّئة تصيب الطفل في سنوات عمره الأولى التي تُعرف بـ"مراحل التغطرس المبكرة" نتيجة حدوث خطأ في التنشئة بدفعه إلى الإعتقاد بأنّه أفضل من غيره. وغالباً ما تكون علاقات هذا الطفل الإجتماعية محدودة بسبب تركيزه على ذاته وعدم إهتمامه بالآخرين.
في هذا الموضوع نطلع قرائنا الاعزاء على الأخطاء التربوية المؤدّية إلى ظهور صفة الغطرسة والتعجرف لدى الأطفال دون العاشرة وأبرز النصائح السلوكية المساعدة على التصدّي لها من خلال معلومات مستمدّة من مديرة ومستشارة "مركز إيلاف" الدكتورة عفاف زقزوق.
قد يخطئ بعض الآباء في فهم سلوك الغطرسة لدى صغيره الذي لا يتجاوز السنوات العشر، ويفسّر تصرّفاته بأنّها تنمّ عن ذكاء أو ثقة كبيرة في النفس، إلا أنّ ملاحظات الصغير التلقائية أو إعتراضه السريع أو عزوفه عمّن يحوطه ما هي إلا بوادر لظهور صفة التعجرف في سلوكه. وفي هذا الخصوص، يؤكّد التربويون أنّ الكشف عن السبب الحقيقي الكامن خلف هذه الغطرسة سوف يساعد إيجاباً على تقويم سلوكه.
هذه لمحة أبرز الأسباب الشائعة التي تكمن خلف إصابة الطفل بالغطرسة والغرور:
* لفت الإنتباه: يميل الطفل في هذه المرحلة المبكرة إلى إظهار مواهبه ومهاراته وإثبات ذاته بهدف لفت الإنتباه ونيل الثناء، ما قد يصيبه بالغرور مع مرور الوقت والإفراط في مدحه.
* الشعور بالغيرة: يعتري الطفل الشعور بالغيرة والإستياء نتيجة مقارنة قدراته بقدرات إخوانه أو أقرانه، ما يجعله يواصل إظهار مواهبه وإستعراض قدراته بهدف إكتساب إعجاب الآخرين وتعزيز شعوره بأنّه الأفضل على الدوام.
* فخر الآباء: يؤدِّي إفتخار الوالدين بمواهب صغيرهما خلال سنواته الأولى إلى شعور هذا الأخير بأنّه مركز هذا الكون، ما يجعله يغرق في إعجابه بذاته وبقدراته الفريدة.
* إغفال العيوب: من الملاحظ أن دلال الوالدين المفرط للصغير والإمتناع عن توجيه سلوكه والإرشادة غير الواقعية بقدراته، مصحوبة غالباً بإغفال عيوبه ونقاط ضعفه تشكّل أبرز أسباب شعوره بأنّه الأفضل على الإطلاق!
* شغف المنافسة: يهتمّ بعض الآباء بتنمية مشاعر المنافسة لدى الطفل بهدف الفوز منذ الصغر، وذلك بإقناعه أنّ معدّل ذكائه يتجاوز أقرانه، ما يؤدِّي به إلى الثقة المفرطة في النفس والتي قد تبلغ حدّ الغرور والتعالي على الآخرين.
- إرشادات تقويمية:
يستهلّ تقويم السلوك النفسي للطفل المتغطرس بتغيير طريقة تعامل الوالدين معه، من خلال الخطوات الخمس التالية:
1- مساعدته على ملاحظة ردّ فعل الآخرين: يعتبر تنبيه الطفل إلى تأثير سلوكه المتغطرس أداةً فعّالة في تقويم سلوكه. وفي هذا الإطار، ينصح الخبراء التربويون باتّباع الطرق التالية:
* لفت إنتباه الطفل إلى امتعاض أصدقائه منه.
* مساعدته على تقمّص دور الطرف الآخر، ما يجعله يدرك الشعور عينه تجاه تصرّفاته المتعجرفة.
* توجيه أفكاره إلى النتائج التي قد تترتّب على تعاليه المستمر على الآخرين، وخصوصاً عزوف أقرانه عند وافتقاره إلى العلاقات الإجتماعية مع من حوله.
2- تنمية الشعور الشخصي والأداء: يجدر توجيه سلوك الطفل إلى أنّ التقييم الصحيح للفرد يكون وفق الشخصية والأداء معاً. وفي هذا الإطار، يحدّد الخبراء التربويون بعض الطرق التي تساعد الآباء على تعزيز مفهوم الشخصية في نفوس أطفالهم، أبرزها:
* التخفيف من المكافآت المستمرّة وعدم التركيز على تنمية شعور الفخر لدى الطفل كونه أنجز الشيء بنفسه.
* إستبدال أسلوب المنافسة الدائم بدور روح الفريق، مع إفهمامه بأن نجاحه يعتبر فخراً للجميع.
* التركيز على الجهد وليس النتيجة النهائية من خلال تقدير كل الجهود المبذولة.
* تنمية المشاعر الإيجابية في نفس الطفل كالحب غير المشروط بتحقيق النتائج أو إستعراض القدرات والمواهب أمام الآخرين.
3- البدء بتقدير إنجازات الآخرين:
ممّا لا شك فيه أنّ الطفل المتغطرس يركّز بشكل دائم على نقاط قوته ويتجاهل أداء الآخرين. ولعلّ أبرز دعائم تقويم غطرسته تكمن في مساعدته على رؤية إنجازات الآخرين ونجاحاتهم. وهذه أهمّ الإستراتيجيات التي تساعد الطفل على الشروع في تقدير إنجازات غيره والإعتزاز بها:
* الإهتمام بتحية الآخرين أمام الطفل والتركيز على تكرار بعض العبارات البسيطة على مسامعه بإستمرار كـ"مرحباً" أو "كيف الحال؟". فالتحية البسيطة تشكّل الخطوة الأولى في تنشئة الطفل على الإحساس بالغير وعدم تعاليه عليه أو دفعه إلى التمركز حول ذاته.
* تنمية صفة تشجيع الآخرين:
يفتقر الطفل المتغطرس، رغم إنجازاته، إلى حبّ الآخرين وتشجيعهم له. ويجدر بالوالدين مساعدة طفلهما على البدء بنفسه والقيام بتشجيع أقرانه لتوثيق العلاقة بينهم من خلال تعويده على إستخدام بعض العبارات المشجّعة وتكرارها أمامه بشكل مستمر إلى أن يقوم بها من تلقاء نفسه.
* الإشادة بأداء الآخرين: تقلّل هذه الإشادة من غروره بإنجازاته وتحدّ من غطرسته، كما تشعره بأن غيره يستحق منزلته وأنّه لا يوجد فارق بينهما يدعو إلى الغرور أو التعالي.
4- تنمية حسّ التواضع والرأفة بالآخرين: يرى علماء النفس أن تنشئة الطفل على حب الغير والتواضع والرأفة بالضعفاء يجنّبه شعور التعالي وحب الذات، كما أن معاملته بطريقة متوازنة بدون دلال مفرط تنمّي لديه مجموعة من الصفات الطيّبة (إحترام الآخرين والرفق بالحيوان وطاعة الوالدين والعطف على المحتاج).
5- تعزيز النتائج: يجدر بالآباء تسجيل التغييرات السلوكية التي تطرأ على تصرفات أطفالهم، مع تعزيزها إيجابياً في صغرهم. وإذ يجد التربويون أن تنشئة الطفل على إظهار مواهبه وقدراته بهدف الفخر بها قد تنمّي لديه إحساس التعالي والغرور على أقرانه والذي قد يلازمه في مراحله العمرية المتقدّمة كوسيلة لكسب تأييد الآخرين والشعور بأنّه الأفضل على الدوام.
- نصائح سلوكية:
* عزّزي روح المشاركة لدى طفلك ولا تكوني عائقاً أمام نواياه الحسنة في مساعدة الآخرين، فقد أوضح الباحثون أنّ الطفل المتغطرس لا يولد مع هذه الصفات، وإنما يكتسبها نتيجة التفكير في نفسه دون الآخرين.
* إذا لاحظت أن طفلك مصاب بالغرور، فلا تقومي بتعنيفه أمام أصدقائه بل اتبعي طريقة غير مباشرة في لفت إنتباهه كي لا تتسببي في إحراجه أمامهم.
* اتّبعي أسلوباً تربوياً متدرّجاً في تقويم سلوك طفلك، ولا تتعجّلي النتائج، من خلال الحوار العقلي القائم على الإقناع وليس الإلزام.
* كافئي طفلك على تميّزه بين أقرانه عبر إعداد برامج ترفيهية بمشاركة أصدقائه، ما يعزّز لديه شعور الجماعة ويقلل مت تركيزه على ذاته وإفتخاره بنفسه.
* أشعري طفلك بحبّك المستمر له وفخرك به بغضّ النظر على النتائج التي يحقّقها.
* اهتمّي بتنمية الصفات الإيجابية في شخصية طفلك ولا تشعريه بالدونيّة أو النقص في قدرته ما يدفعه إلى الإنطواء على نفسه وعزوف أصدقائه عنه بسبب إعتقادهم أنّه متعالٍ عليهم، ما يزيد الأمر سوءاً.

السبت، 8 أكتوبر 2011

شروط إنجاح بيداغوجيا الادماج

الكل يعرف أن الوزارة الوصية على قطاع التربية والتكوين أطلقت مبادرة البرنامج الاستعجالي لتجاوز بعض الاختلالات والإخفاقات التي لم تنجح تدخلات واقتراحات الميثاق الوطني للتربية والتكوين في تجاوزها بعد. و لإعطاء نفس جديد لإصلاح نظام التربية والتكوين وتسريعه، وتجاوز الاختلالات المسجلة وخصوصا من طرف المجلس الأعلى للتعليم في تقريره الأول لسنة 2008،أطلقت الوزارة مبادرة المخطط الاستعجالي(2009-2012)،لإنجاز 27 مشروعا ينتظم في أربعة مجالات للتدخل كما هو معروف. ومن هذه المشاريع، المكون الأول للمشروع الثامن المتضمن في المجال الأول،والخاص بتطوير العدة البيداغوجية ، من خلال استكمال إرساء المقاربة بالكفايات ، وتوفير إطار منهجي لأجراة هذه المقاربة البيداغوجية بشكل واضح ومتفق عليه من خلال توحيد المرجعية والنموذج البيداغوجي المعتمد. تبعا لذلك تم اختيار مقاربة بيداغوجيا الإدماج كإطار منهجي لأجراة وتطبيق بيداغوجيا الكفايات، وذلك بتأطير وهندسة صاحبها كزافيي روجرس،حيث ا انطلقت اوراش التجريب لهذه المقاربة ، ثم تكوين الأطر التعليمة لتمثل هذه المقاربة والاستعداد لتطبيقها.وبالفعل انطلق العمل بهذه المقاربة.لكن،لم يتم حسب علمنا تعميم التقويم الأولي لتجريب بيداغوجيا الإدماج،لمعرفة نقط قوتها وضعفها لاستثمار ذلك من طرف الفاعلين المعنيين أثناء التطبيق الفعلي لهذه المقاربة!ولم يفتح في شانها نقاش وتقييم وطنيين وخاصة من طرف الممارسين المباشرين الذين يمتلكون حسا ميدانيا يمكنه أن يساهم بفعالية كبيرة في بلورة الصياغة النهائية لإنزال وتفريغ وتطبيق بيداغوجيا الإدماج حسب الخصوصيات المغربية.
صحيح أن معالجة أعطاب وأوجه الخلل في آلة نظام التربية والتكوين والرفع من فعاليتها ونجاعتها ، يقتضي بشكل أساسي استهداف المنهاج التربوي،من حيث هندسته التنظيمية والتدبيرية،ونماذجه وطرقه ومقارباته البيداغوجية...لكن في رأينا فإن مجرد اعتماد نموذج أو مقاربة جديدة(وغالبا بطريقة النقل الميكانيكي/الحرفي) غير كاف بحد ذاته لتحقيق فعالية وجودة ومردودية أحسن (مدرسة النجاح)،لأن النموذج البيداغوجي هو متغير/عنصر واحد من بين متغيرات وعناصر أخرى تشكل نظام التربية والتكوين،كنظام ترتبط متغيراته/عناصره من خلال علاقات بنيوية ووظيفية ،تتفاعل ويؤثر بعضها في البعض الآخر،ولكل عنصر/متغير فعاليته الخاصة، وآثاره السلبية أو الإيجابية في إنجاح النظام ككل، وتحقيق أهدافه المؤملة والمنتظرة.بمعنى أن نجاح مقاربة بيداغوجيا الإدماج(التي تهمنا هنا) وتحقيق أهدافها الايجابية التي راهن عليها صناع القرار التربوي،يجب أن نوفر لها شروط أخرى وظروف موضوعية ، لها علاقة بنيوية ووظيفية لضمان فعاليتها ونجاحها...حيث يمكن أن تتراوح هذه الشروط بين البيداغوجية والمهنية والتجهيزية والخدماتية ، نذكر منها:
1-بيداغوجيا:
من الناحية البيداغوجية يمكن تسجيل بعض الملاحظات الأولية على التطبيق المغربي الحالي لبيداغوجيا الادماج،والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
- إذا كان من بين أهداف تطبيق بيداغوجيا الإدماج ،كما يصرح بذلك كزافيي روجرس،هو تحقيق الإنصاف والموضوعية في تقييم تعلمات المتعلمين(وخصوصا التقييم الاشهادي)،وذلك من خلال إعطاء للمتعلم على الأقل ثلاث فرص(قاعدة 3/4) أو فرصتين(قاعدة 2/3) للتأكد من تحكمه في الكفاية أي، وضع المتعلم في ثلاث وضعيات أو وضعيتين مركبة تعكس الكفاية الأساس،وذلك تحقيقا للإنصاف والموضوعية كما قلنا،ولحق المتعلم/ة في الخطأ كما هو الشأن لباقي الممارسين والخبراء الذين يمكن لهم كذلك أن يقترفوا أخطاء رغم كفاءتهم وخبرتهم.
غير أنه من الملاحظ ، حسب التنزيل المغربي لمقاربة الإدماج ، خصوصا في الشق المتعلق بالتقييم ، يجد المتعلم نفسه أمام ثلاث تعليمات وليس ثلاث وضعيات تقييمة مركبة تعكس الكفاية المستهدفة ؟! أي يجد نفسه فقط أمام وضعية تقييمة مركبة واحدة(فرصة واحدة)!ونقيم كل تعليمة من خلال ثلاث معايير(الملائمة ، الانسجام ، الاستخدام السليم لأدوات المادة)،بالإضافة إلى معيار الإتقان . أولا من الناحية المفاهيمية ، حسب الجهاز المفاهيمي لبيداغوجيا الإدماج كما هو عند روجرس،هناك خلط أو ضبابية مفاهمية تخص مفهوم المعيار والتعليمة:إننا نقيم الكفاية(وليس التعليمة) من خلال معايير معينة،والمعايير يتم أجراتها من خلال مؤشرات كمية أو نوعية ، والمؤشرات يتم تدقيقها من خلال تعليمات(مُوجهة).
كما يبقى الأهم معلقا وغير واضح:وهو كيف نقيم التركيب أساس الإدماج؟وكيف نصوغ معيارا للتحقق من الإدماج/التركيب؟ ذلك إن المعايير المعتمدة لتقييم الكفاية هي:الملاءمة،الانسجام،التطبيق السليم للموارد(معايير الحد الأدنى)،بالإضافة إلى معيار الإتقان.ألا يجدر تخصيص معيار مستقل للتركيب؟
- كما أنه من الناحية النمائية السيكو- ذهنية،هناك فرضية/تساؤل يخص مدى نجاعة إخضاع كل المستويات التعليمية للتقييم انطلاقا من الوضعيات المركبة؛حيث أن التركيب الذي يجب أن يقوم به كل المتعلمين،ينتمي(التركيب) إلى العمليات الذهنية/العقلية العليا(خصوصا حسب صنافة بلوم)،وهذه العملية العقلية المجردة والعليا تتطلب عمليات ذهنية أخرى معقدة( إدراك وفهم،استنباط،ربط،انتقاء،استنتاج....).وبما أن معظم المتعلمين في هذه المراحل التعليمية، حسب المعطيات النمائية الذهنية لبياجي ،يوجد في مرحلة الذكاء المشخص(من 6/7سنوات إلى 11/12 سنة)،بل كل مستوى قد ينتمي إلى معطيات نمائية ذهنية خاصة(6/7 سنوات مرحلة الذكاء ماقبل عملياتي،من 7إلى 11/12 مرحلة الذكاء العملياتي الحسي،11/12 سنة ومافوق مرحلة الذكاء العملياتي الصوري).من خلال هذه المعطيات النمائية،فهل يجوز تقييم كل المستويات الدراسية(وخصوصا الصغرى) من خلال وضعيات مركبة،والتي تبنى من خلال معطيات رمزية مجردة لغوية أو أيقونية؟أي أن المتعلم مطالب باستخدام عمليات ذهنية عليا ومعقدة (منها التركيب) من خلال معطيات رمزية ومجردة قد تفوق قدراته النمائية الذهنية؟
فهل بيداغوجيا الإدماج أخذت بعين الاعتبار هذه المعطيات النمائية خصوصا في تطبيقاتها بالمدرسة الابتدائية؟ذلك أن التركيب كعملية عقلية عليا لا يكتمل نماؤه إلا خلال المرحلة النمائية الأخيرة(مرحلة الذكاء العملياتي الصوري/المجرد،حولي 11/12 سنة وما فوق).
الكل يعرف أن المتعلمين يجدون صعوبات كبيرة فقط في تذكر الموارد(استعمال قدرة عقلية دنيا حسب تصنيف بلوم)، والنتائج السلبية شاهدة على ذلك ، فما بالك أن المتعلم سيجد نفسه أمام مهمة مزدوجة ومعقدة : تذكر الموارد وتركيبها لحل وضعية معينة؟!أم هل سيتم تكييف متعلمينا مع تعلم التركيب والتعقيد،وبالتالي إكسابه القدرات العقلية العليا بالتدريج،وبالتالي تسريع عمليات اكتسابها رغم القوانين النمائية الاعتيادية؟
نظن أن طريقة بناء وضعيات التقييم الحالية ستسفر عن نتائج كارثية،إذا لم تراع طبيعة المرحلة النمائية والدراسية للمتعلمين،وإذا لم تراع الخصوصيات السوسيو ثقافية للمستهدفين(متعلمي التعليم العمومي،أغلبهم من فقراء الوسط الحضري والقروي) حيث يتميزون بالهشاشة المعرفية والذهنية(سيادة العمليات العقلية الدنيا)،وكذلك إذا لم تبن الوضعيات التقييمية بكيفية متدرجة: تقييم الموارد(وزن2/3) ثم تقييم الكفاية(وزن1/3)،وكذلك مراعاة التدرج من البسيط الى المعقد في بناء الوضعيات التقييمة،وإعطاء أكثر من فرصة للمتعلمين:وضعيتان بسيطتان،ثم وضعية معقدة.
- التنظيم البيداغوجي للتعلمات:التنظيم البيداغوجي المغربي الحالي للتعلمات اختار:6أسابيع لتعلم الموارد،و أسبوعين لتعلم الإدماج وتقييم ومعالجة الكفاية ، وذلك في كل مرحلة من المراحل الأربع المخصصة في السنة الدراسية(34 أسبوعا)؛هنا يجد المتعلم نفسه فقط أمام ثلاث فرص على الأقل لتعلم الإدماج، و3 فرص على الأقل لدعم ومعالجة تعثرات تعلماته .فهل هذا كاف لتعلم الإدماج المستهدف الأساسي من عملية التقييم؟


لما مثلا لم يتم اختيار التنظيم البيداغوجي التدريجي للتعلمات،والذي اقترحه كذلك روجرس ووصفه بالغني: ثلاثة أسابيع لتعلم الموارد،ثم أسبوع الدمج الجزئي...

حيث سنتيح للمتعلم أكثر من 12 فرصة في السنة لتعلم الإدماج(8 جزئية،و3او4 كلية)،وأكثر من 12 فرصة في السنة لدعم ومعالجة تعثرات تعلماته.

الظاهر ان اعتماد التنظيم البيداغوجي الحالي(6 موارد 2 إدماج) يبرره فقط مطابقته للتنظيم البيداغوجي للبرنامج السنوي المعتمد.في حين المطلوب تغيير المنهاج برمته (برامج ، ومواد دراسية ، وكتب مدرسية ، وتنظيم بيداغوجي للسنة ، والايقاعات والأغلفة الزمنية.....) ليلائم بناء المنهاج المتمحور على الكفايات والإدماج وعلى الفعالية الذاتية للمتعلم/ة، عوض المحتويات والمواد التي يتمركز حولها المنهاج الحالي رغم تصريحه باعتماد مقاربة الكفايات سابقا.وما كثرة وتضخم المواد وثقل المحتويات وكثرة الكتب إلا مؤشر دال وكاف عن ذلك.


- كما تجدر الإشارة إلى مسألة التكوين التي خضع لها المدرسون لتمثل بيداغوجيا الادماج ، إذ سجل الكثير من المتتبعين والمعنيين بالتكوين عدم كفاية الزمن المخصص(حولي 5 أيام)،وكذلك ضعف الفعالية الديداكتيكة لدى بعض المكونين ، بالإضافة إلى فقر الوسائل الديداكتيكة المعتمدة لذلك . مما يتطلب تكوينا وتتبعا مستمرا للمدرسين للتمثل والتطبيق الجيد لمقاربة بيداغوجيا الإدماج ، وهذا هو الغائب الأكبر مع بداية التطبيق الرسمي لهذه المقاربة ؛ حيث يتخبط أغلب المدرسين في كيفية تطبيق المقاربة في إعداد وثائق التنظيم البيداغوجي للسنة ، وفي كيفية إجراء أسبوعي الإدماج، وفي كيفية البناء الديداكتيكي للتعلمات ،وفي كيفية ملء نقط المراقبة (هل ستكون شهرية أم مرحلية...؟)....

2- ظروف العمل داخل القسم: رغم دخول المغرب التربوي في السنة الثانية من تطبيق البرنامج الاستعجالي، ورصد الملايير من الدراهم (حوالي 50 مليار درهم ) الملاحظ أن ظروف العمل البيداغوجية والديداكتيكية لازالت كما كانت عليه من سلبيات:فقر التجهيزات الديداكتيكية الحديثة والضرورية،الاكتظاظ ، الأقسام المشتركة ، كثرة المواد وعدم كفاية الأغلفة الزمنية للمواد الأساسية...وهذه معطيات لا تساعد على الفعالية البيداغوجية ، وعلى تطبيق البيداغوجيات الحديثة المتمركزة على التعلم الذاتي والفارقية والتمكن والدعم والعلاج...، وعلى تطبيق أشكال العمل الديداكتيكي الفردي والجماعي،ناهيك عن معاناة المدرس/ة مع غياب وسائل العمل الديداكتيكي الضرورية والحديثة المساعدة على الرفع من المردودية والفعالية،وعلى اقتصاد الجهد والزمن.لازالت أغلب فصولنا تعتمد على الثنائي التقليدي سبورة/طبشورة،اللهم الاهتمام التمييزي والنسبي بمستويات»جيل النجاح» الأول والثاني ابتدائي،وكأن الباقي من مستويات هي»جيل الفشل»؟!

3- التجهيزات والخدمات المدرسية:رغم المجهودات المبذولة مؤخرا من أجل تحسين العرض التربوي ، إلا أن جل الخدمات والتجهيزات لمدارسنا لازالت تراوح مكانها كما ونوعا،خصوصا تلك التي تهم التفتح الذاتي للمتعلم ودعم قدراته ومهارته وتوجهاته المكونة لشخصية متكاملة ومتزنة في أبعادها النفسية والمعرفية والجسدية والاجتماعية والثقافية...:قلة المكتبات المدرسية ، شبه غياب للملاعب والتجهيزات الرياضية ، غياب قاعات للأنشطة الفنية والثقافية والترفيهية والأندية ، شبه غياب للرحلات والخرجات الثقافية والعلمية...ناهيك عن شبه غياب للمرافق والخدمات الصحية (صيدلية مدرسية ، مراحيض ، دوش...) ، وقلة الربط بشبكة الماء والكهرباء.إن شبه غياب تلك التجهيزات والخدمات المدرسية المشار إليها تؤثر سلبا على الفعالية الذاتية للمتعلم ، وعلى الدور التكميلي الذي يمكن أن تلعبه كذلك في الرفع من فعالية التعلمات،والمردودية المدرسية بشكل عام.

4-الظروف المهنية والاجتماعية للمدرسين:
الكل يعرف (إلا من يريد تجاهل ذلك) الدور المحوري الذي يلعبه المدرس/ة في إنجاح أي إصلاح ، وفي تحقيق الفعالية والمردودية المؤملة للنظام التعليمي. فمهما جوَدنا وغيرنا الهندسة البيبداغوجية ، من مقاربات بيداغوجية وغيرها ، فإن عمت وسط المدرسن أجواء عدم الرضى المهني والتوتر وعدم الاستقرار، وغياب الحماس والإيمان بالإصلاح والانخراط الإرادي والتلقائي فيه ، فإن اعتماد مقاربة بيداغوجيا الإدماج لن تحقق الأهداف المتوخاة منها ؛ ذلك فإن العملية التعليمة التعلمية يتدخل فيها النفسي والاجتماعي سواء بالنسبة للمتعلم او المدرس . لذلك وجب توفير الشروط المهنية والاجتماعية ، المادية والمعنوية، الايجابية (أجرة ، تحفيزات ،سكن ،نقل ،تقدير واحترام ، تكوين متين....) التي من شأنها أن تحفز المدرس/ة على العطاء والانخراط الإرادي في إنجاح الإصلاح.


وفي الأخير،نظن بأن جاح الإصلاح الجديد (المخطط الاستعجالي) ، والتطبيق الفعال لبيداغوجيا الإدماج ، رهين بتوفير عدة شروط مركبة ومتكاملة : بياغوجية مهنية ، تجهيزية ، خدماتية...ومحاولة تغيير و تكييف التطبيق الحالي لبيداغوجيا الإدماج مع خصوصيات المدرسة المغربية الحقيقية وليس المفترضة نظريا ، مع استحضارالملاحظات والنقد النظري والميداني لبعض الفاعلين المغاربة،أو تلك التي سجلها فاعلون ومتتبعون في الدول التي طبقت فيها مقاربة بيداغوجيا الإدماج ، وذلك قبل الإقدام النهائي على الصياغة و التطبيق الرسميين للمنهاج التربوي الجديد الذي يتمحور حول بيداغوجيا الإدماج.
محمد الصدوقي  باحث تربوي

أقوال المشاهير المربين عن التربية الحديثة



التربية في رأي أفلاطون: يرى أفلاطون (427-343)ق.م أن الغرض من التربية ينبغي أن يتجه إلى إعداد المواطن الصالح ، و المواطن الصالح في رأيه هو ذلك الشخص الذي اتزنت قدراته ، و ألم بفضائل الأخلاق و أصبح معتدلا و شجاعا و عادلا ، و هو يقسم المواطنين في جمهوريته إلى ثلاث فئات بحسب ما لدى كل منهم من استعدادات فهناك طبقة الصناع و طبقة المحاربين و طبقة الفلاسفة ، الأخيرون عليهم عبء توجيه الحكومة و من ثم وجب أن تكون تربيتهم هي أرقى أنواع التربية.
التربية في رأي أرسطو:و يرى أرسطو أن المواطن الصالح المستنير هو الرجل الحر ، و لكي يصبح الإنسان حرا لابد من توفر أمرين : أحدهما سياسي و الآخر اقتصادي ، فمن الناحية السياسية يجب على الرجل أن يكون كفئا لحمل السلاح و التصويت و شغل الوظائف العامة ، و من الناحية الاقتصادية يجب على الرجل الحر ألا يقوم بالمهن الأخرى التي هي من خواص الرجل العامي فالتربية التي تناسب طبيعة الرجل الحر هي تلك التربية الحرة و الهدف المميز للتربية الحرة هو غرس العقل مادام الذكاء أو العقل هو المميز الذي يتميز به الإنسان عن الحيوان و نحن إذا منحنا الفرد تربية حرة فإنه لايظفر بأحسن إعداد للمواطن المستنير فقط ، ولكنه سوف يحقق أسمى هدف في الحياة و هو السعادة.
التربية عند الرومان كولتليان (35-100م:هدف التربية عند الرومان كان هو أيضا إعداد المواطن المستنير ، وصفات المواطن المستنير هنا أنه ذلك الشخص الذي تمكن من أن يعتنق في شبابه فضائل الثبات و الشجاعة و احترام الآلهة و كبح جماح النفس و الوقار و العدل و الحكمة و كان الرومان يرون في التربية وسيلة لإعداد المواطنين القادرين على الإرادة الناجحة للشؤون المدنية ، و يلخص كولتليان (35-100م)نظرة الرومان إلى التربية فيقول: "إن هدفي من التربية هو إعداد الخطيب المفوه ، و أول ما يميز الرجل هو طيب عنصره ، ولذلك فنحن لانتطلب منه أن يكون موهوبا من ناحية الكلام فحسب و لكنه من الناحية الخلقية ، فالخطيب هو ذلك الشخص و الرجل الذي يمكنه أن يرشد الحكومة بما يقدم من نصائح ، ويمكنه أن يزودها بأساس ثابت من تشريعاته و يبعد عنها الشرور بأحكامه كقاض عادل و لن تتوفر هذه الصفات إلا في الخطيب".
جون ديوي (1850-1952):في القرن العشرين ذاعت آراء الفيلسوف التربوي الذائع الصيت جون ديوي عن التربية التقدمية و كان يرى من خلال كتابه "المدرسة و المجتمع"أنها هي التربية الوظيفية و أن الأهداف الحقيقية للتربية ينبغي أن تنشأ و تؤخذ من المشكلات التي تنطوي عليها مظاهر النشاط العادية.يقول جون ديوي"الطفل لا يتعلم إلا إذا كان لديه سؤال و انهمك في البحث عن الوسائل التي تساعده للإجابة عن هذا السؤال ."فالتربية الصحيحة كما يراها جون ديوي تقوم على اساس الاحتكاك المباشر بين الفرد و بيئته .و هذا الاحتكاك يؤدي على أن يواجه الانسان مشكلات تتطلب الحل.كلاباربد:و يقول كلاباربد:"يجب أن يحل النظام المنبعث من الداخل محل النظام المفروض من الخارج."

منتسوري:و تقول منتسوري :" إن هدفنا هو النظام الذي يأتي ثمرة للنشاط لا النظام الذي يأتي ثمرة السكون و الجمود و الطاعة و الإكراه."
المربي الألماني كرشتنر:و يقول المربي الألماني كرشتنر : "لنترك لأحد الفصول في إحدى مدارس البنين التي تسير على المناهج النظرية حرية الاختيار بين كتبهم و دفاترهم من جهة و بين المنشار و المقص من جهة أخرى و لنترك لفصل البنات أن يخترن بين درس في النبات أو علم الصحة الغذائية و بين درس عملي في الحديقة أو في المطبخ فسوف نجد أن 90 في المئة سيدفعون بصورة لا تقاوم إلى الخارج من قاعة الفصل و التخلص من جو الخمول و الكسل إلى حيث يكونون نشيطين فعالين."
جون لوك (1632-1704):صرح جون لوك بأن وظيفة التربية:"ليست المساعدة للصغار على حذق أحد العلوم ، ولكن وظيفتها الرئيسية هي تفتيح عقولهم للمعرفة إذا ما سنحت الفرصة لذلك."
جان جاك روسو(1712-1778):في القرن الثامن عشر ظهر أصحاب المذهب الطبيعي و على رأسهم أبو التربية الحديثة الفيلسوف جان جاك روسو ينادون بحرية الطفل و انطلاقه و تحرره من كافة القيود و منها البرنامج المدرسي، و قد نادى روسو بأن يترك الطفل للطبيعة خير مرب في رأيه .يقول روسو: إن هدفي تزويد العقل بالمعرفة و لكني آمل أن أعلم إميل emil كيفية الحصول عليها إذا ما دعت الضرورة لذلك."
كوندرسيه (1743-1794) أحد كتاب الثورة الفرنسية يقول : " يجب أن تعمل التربية أولا على أن تتيح لكل فرد من بني الإنسان جميع الوسائل التي تمكنهم من سد حاجاتهم و رفاهيتهم و معرفة حقوقهم و ممارستها و فهم و تحديد التزاماتهم."ثم نجده يتعرض لتنمية الفرد تنمية اجتماعية فيقول:" يجب أن تعمل التربية على تمكين الفرد من إتقان مهارته، وجعله قادرا على القيام بالمهام الاجتماعية التي تطلب منه ونمو قدراته إلى أقصى حد ، كما يجب أن تعمل ايضا على بث روح المساواة بين أفراد الشعب ، و إذا تحقق ذلك فقد حققت التربية المساواة السياسية التي يفرضها القانون."
بستالوتزي و فروبل :يؤكد بستالوتزي و فروبل على أن التربية "يجب أن تهدف إلى الاصلاح الاجتماعي عن طريق نمو مواهب الفرد."و يقول بستالوتزي: "ليس الهدف الأسمى من التربية الوصول إلى درجة الكمال في الأعمال المدرسية ، و لكنه الصلاحية للحياة ، و ليس اكتساب عادات عمياء كالطاعة المطلقة ، و لكنه إعداد لحياة العمل الاستقلالية."و أما فروبل فقد كان يطمح في التربية التي تنتج رجالا أحرارا مفكرين يعتمدون على أنفسهم ، و كان يرى تحقيق هذا الهدف عن طريق نمو طبيعة الطفل الباطنية النشطة."
هربرت سبنسر (1820-1903):يرى هربرت سبنسر الفيلسوف الإنجليزي أن الهدف من التربية هو الإعداد للحياة المتكاملة و لقد تأثر سبنسر في أفكاره بالحركة العلمية و النفعية التي كانت منتشرة في عصره ، و كذلك بالأفكار التطورية إذ ذاك ، و لكي يحقق الحياة المتكاملة نجد أنه يرتب أهداف التربية من حيث قيمتها للفرد و المجتمع وفق ما يلي:أولا : يجب أن تهدف التربية أولا و قبل كل شيء على تعليم الأفراد في المحافظة على الذات.ثانيا: يجب أن تمكن التربية الفرد من كسب القوت.ثالثا: يجب أن تعمل التربية على بقاء الجنس و النوع و ذلك بتعليم الفرد فن رعاية الطفل.رابعا: تهيء الفرد للقيام بمهام الحياة الإجتماعية و السياسية.خامسا: يجب أن تزود الفرد بما يمكنه من التمتع بالتراث الثقافي للجنس البشري من فن و أدب.

الكفايات في الخطاب التربوي /التعاقد، المرونة، الانفتاح، التجريب، الإبداع


لم يكن الحديث عن جودة التعليم، وتعليم بالكفايات، وتعليم القرن الواحد والعشرين، إلا دعوة صريحة لتكييف المدرسة مع الوضع العالمي الجديد. ليس لأن المدرسة مدعوة إلى تعليم نوعي يستجيب لشروط العصر، ويحافظ على استمراريتها كمؤسسة لإنتاج المعرفة وأدواتها، فهذا يبقى شعارا للاستهلاك، وإنما لتدخل المدرسة في شبكة المؤسسات المعولمة، لا سيما أنها أصبحت نقطة جذب لا مثيل لها لاعتبارين:
الأول: أنها سيوكل إليها تشكيل الذهنية المأمولة، باعتبار الدور التاريخي الذي عرفت به كأداة للتنميط والترويض.
الثاني: أنها تشكل سوقا استهلاكية عالمية ضخمة، وهذا ما يفسر المنافسة الشرسة بين كبريات الشركات لاحتلال هذا الكنز المكنون. ويجري الحديث الآن عن "سوق التربية"، "وسوق المواد والخدمات البيداغوجية" و"سوق الأساتذة والتلاميذ". وانعقد ما بين 20 و23 ماي 2000 بكندا السوق العالمي الأول للتربية.
إن الخوف من تسليع التربية، وإفراغ العملية التربوية من رسالتها الوطنية، يبقى أمرا مشروعا، في ظل دعوة تغييرية تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية، وتشرعنها المؤسسات الدولية، التي ثبت أنها واقعة تحت نفوذ سلطتها.
إن التعليم بالكفايات بما يحمله من نزوع واضح إلى التضحية بالمعرفة لصالح المهارات، لا يبدو بريئا في ظل تأييد أمريكي، وإن كان هذا التعليم ما يزال، وهو في طبعته الأولى، يحمل كثيرا من الآمال لإنقاذ المدرسة من كسادها. هذا ولا أخفي استغرابي غياب هذا الربط لدى رجال التربية المتحمسين لهذه البيداغوجيا.

2-1 مكونات بيداغوجيا الكفايات:


الغايات:
يفهم من كتابات رواد بيداغوجيا الكفايات أن غايتها هي:
تمكين التلميذ من كل الكفايات الضرورية التي تؤهله:
ليعرف كيف يتصرف مع الناس
ليعرف كيف يعيش حياته
ليعرف كيف يعبر عن ذاته، ويدافع عن مواقفه، ويحدد اختياراته، في وضعيات معقدة ومتجددة باستمرار


من الغايات إلى المنهاج:
لا تقترح بيداغوجيا الكفايات منهاجا بالمعنى التقليدي للكلمة، وإنما تقترح ممارسات ديداكتيكية من سماتها: التعاقد، المرونة، الانفتاح، التجريب، الإبداع.


التعاقد:
يعني الإقبال الواعي للتلميذ على فعل التعلم، والحضور الطوعي فيزيائيا وذهنيا، لأن التعلم يدخل ضمن اهتماماته الذاتية والموضوعية، إنه متعة يكتشف من خلالها ذاته، ويمنحها معنى في الحياة. إنه إحساس بالمسؤولية الشخصية والمهنية، ومحاولات مضنية لفهم العالم حوله، متجسدا في أدوات الترفيه، وقنوات الإعلام والاتصال، والمحيط السوسيوثقافي في كل تجلياته. ههنا يُصير التعاقد التلميذ كائنا موثوقا به، يقوي جاهزيته، ويشحذ همته، ويقوي شخصيته.
هذا ولا يكتسي التعاقد هذه الصفة، إذا لم تكن مادة التعلم ذات معنى، أو كانت معزولة عن الشرط النفسي والحياتي للتلميذ، أو تفتقد لجانب الإمتاع والإطراب لديه. إنها في هذه الحالة تصبح عقوبة، لا يألو جهدا للفكاك منها.
يتحدث فليب بيرنوعن التعاقد فيقول:


"يتمثل دور التلميذ في البيداغوجيا المتمركزة حول المعرفة، في الاستماع ومحاولة الفهم وإنجاز التمارين بدقة، وتصويب مكتسباته في إطار اختبارات كتابية فردية ومنطقية في أغلب الأحوال. أما في بيداغوجيا الوضعيات –المشكلات ، فيكمن دور التلميذ في الاشتراك والمساهمة في مجهود جماعي لإنجاز مشروع وبناء كفايات جديدة، وله الحق في المحاولة والخطأ ، وهو مدعو للإفصاح عن شكوكه، وإظهار استدلالاته، والوعي بطرقه في الفهم والحفظ والتواصل..ومثل هذا العقد يفرض إلى جانب ما سبق الانسجام والاستمرارية من قسم دراسي إلى آخر، ومجهودا ذؤوبا في تفسير قواعد اللعبة وتعديلها مع التخلي عن المنافسة والفردانية" (5-85)


هذا تعاقد جزئي ، تعاقد سفلي، على مستوى الإنجاز فقط، لا يفضي إلى نتائج ملموسة، إذا كانت المادة التعليمية لا تثير التلميذ، ولا تحقق انتظاراته. بينما التعاقد الحقيقي يكون على مستوى الفعل في شموليته، على مستوى إعداد المادة التعليمية، واختيارها. التعاقد بهذا المعنى عمل تفاوضي نحو حل يرضي الطرفين، فمن يتفاوض مع من؟ وحول ماذا سيتم التفاوض؟ إنها مفارقة غريبة حقا.
قد يبدو التعاقد في مجال العمل أمرا مفهوما، العامل يتعاقد مع المشغل لإنجاز مهمة ما، أما في المدرسة فلا يمكن أن نتحدث إلا عن تعاقد ضمني بين المدرسة والمجتمع لإنجاز مهمة التعليم. أما الحديث عن عقد ديداكتيكي بين طفل في السابعة من عمره ومدرس، فيبدو حلما في غاية الرومانسية. يحاول بيرنو أن يخفف من آثار هذه الرومانسية فيقول إن "العلاقة البيداغوجية في جوهرها بالأساس، غير متكافئة، ولذلك فالمدرس ليس مطالبا بأن يستجيب لكل متطلبات التلاميذ بأي ثمن".(5-81)


الانفتاح: ببيداغوجيا مفتوحة نحقق مدرسة مفتوحة، ذلك هو الرهان الذي تطمح إليه بيداغوجيا الكفايات. الانفتاح هنا ضد الانغلاق، ضد الانحسار بين جدران الفصل الدراسي. تنمية الكفايات، أمر لا تستطيع الحصص الدراسية تحقيقه، لأن المدرسة الحالية لا تقدم إلا معارف ميتة. بينما تكوين الكفايات يعتمد "منطق التدريب" لأنها –يضيف بيرنو- "تتكون بالتمرن في وضعيات معقدة". التعلمات الحقيقية- إذن- تتم خارج أسوار المدرسة لأنها:
- تنبني على بيداغوجيا المشروع: وهي برنامج عمل يحتاج من التلميذ وقتا طويلا وجهدا كبيرا لإنجازه.
-تستعين ببيداغوجيا الوضعية المشكلة: وهي تعني أن التعلم الحقيقي لا يتم بخلق وضعيات مصطنعة، وإنما بوضعيات حقيقية ينطلق منها التلميذ لتحقيق تعلماته.
-تتقصد، تحريك التعلمات في سياقات جديدة، وتحويلها إلى كفايات جديدة مكتسبة، وهذا يحتاج إلى تدريب ذاتي وجماعي شاق لا يتحقق في حصة دراسية أو حصتين.


التجريب: ولأنها منفتحة فلأنها تجريبية لا نظرية، التجربة هنا محاولات مستمرة من لدن التلميذ لتنمية كفاية معينة، "لا يهم أن يخطئ فالخطأ طريق الصواب، بل هو مدعو لأن يخطئ لكي يفصح عن شكوكه، ويظهر استدلالاته، ويعي طرق الفهم والحفظ والتواصل. (5-85) إنه يصير سيد نفسه، أو ممارسا متأملا بتعبير شون.
يصير التجريب هنا انخراطا ذاتيا في عملية التعلم، وصولا إلى تحقيق الكفايات المرجوة. فكما أن الطفل يتعلم المشي عبر ممارسة المشي – يقول بيرنو- والسباحة عبر ممارسة السباحة، فإن تعلم التفكير يجب أن يكون عبر ممارسته. التعلم في هذه الحالة يندمج مع حياة التلميذ، ويصير فعلا حياتيا لا نشاطا معزولا محمولا على الإكراه، وكلما كانت المعرفة مندمجة- يقول بيير أسطولفي- كلما كان بمقدورها أن تكون محولة ومحركة. أي يسهل التحكم فيها وتصريفها في الوضعيات المناسبة. وبذلك تتحول إلى كفايات ذاتية.
التجريب ببساطة هو "تعلم ما لا نعلم عن طريق فعله" بتعبير فليب ميريو.


المرونة: لا تقترح بيداغوجيا الكفايات برنامج عمل موضوعا سلفا، لأنها لا تعمل بالتخطيط ولا بالتنبؤ "لا يمكن أن ندرس بالكفايات ونحن نعرف، منذ الدخول المدرسي، ما سنعالجه في شهر دجنبر، لأن الأمور رهينة بمستوى التلاميذ ومشاركتهم وبالمشاريع التي ستنجز ودينامية المجموعة –الفصل".(5-83).
تصير المرونة هنا مطلبا ديداكتيكيا لأن التعلم الحقيقي لا يمكن التحكم في إيقاعه سلفا، وإنما ينبع من طبيعة التعلمات، ونوع الكفايات التي يراد تعلمها، ومدى استجابة التلاميذ، وقدراتهم الذهنية. وهذا يتطلب وقتا غير معروف لدى المدرس ولا التلميذ، فكيف يكون معروفا لدى واضعي البرامج؟
المرونة إذن، تعني الاستغناء عن الحصص الدراسية، باعتبارها مددا زمنية لإنجاز مهمة تعليمية ما، ما دامت الحصص غير مؤهلة لاحتواء البيداغوجيا الجديدة. تعني إعادة النظر في الكتاب المدرسي، لأنه لم يعد مؤهلا وحده لتحقيق كفايات التلميذ بأبعادها المركبة والمعقدة. الكتاب المدرسي يحمل معارف نظرية، يمكن استيعابها في ظرف زمني محدود، وتنمية الكفايات تدريب عملي، يمر عبر سلسلة من المحاولات والاكتشافات وصولا إلى التحقق النهائي. الكتاب المدرسي يخاطب الذهن، والوضعيات المشكلات تستنفر كل طاقات التلميذ المعرفية، والوجدانية، والحركية، والتخييلية، والإبداعية.
المرونة أيضا تعني التخلي عن نظام الامتحانات، لأنها تقويم غير عادل، كما أن الكفايات لا يمكن تقويمها في مدى زمني محدد بساعة أو ساعتين. "من المستحيل تقويم الكفايات بكيفية معيارية، لذا ينبغي العدول عن الاختبارات المدرسية الكلاسيكية كإبدال تقويمي، والتخلص من اختبار الكفايات الذي يضع المتبارين في نفس نقطة الانطلاق".(5-102).
-أولا لأن الذكاءات غير متساوية، فلا يمكن لجماعة من التلاميذ أن ينجزوا الشيء نفسه في المدة نفسها.
-ثانيا لأن الكفايات لا تحتاج إلى سلم تنقيطي ولا إلى معيار جزائي، لأنها تومن بصعوبة تلك المهمة، بل استحالتها.
وإذ يبدي بيرنو رفضه المطلق للتقويم بالامتحانات، لا يخفي صعوبة إيجاد البديل. يقول: "لا يوجد حاليا بديل وحيد لنظام الاختبارات المدرسية وامتحانات المعارف. وستبحث الأنظمة التعليمية عما هو بسيط وقليل التكلفة، ومن الحكمة التخلي عن تلك الاختيارات، لأن تقويم الكفايات لا يمكن أن يكون إلا معقدا، ومشخصنا، ومتداخلا بعمل التكوين المحض".(5-103).
المرونة تعني الإيمان بالتعدد وإقصاء مبدأ التوحيد. لا وجود لتعليم موحد، لأنه لا وجود لذكاء موحد، كما أنه لا وجود لطرق تدريسية موحدة، لأنه لا وجود لكفايات موحدة. كل هذا تفرضه اللحظة التعليمية، هي التي تتحكم في المنجز التعليمي، وتفرض الطريقة التعليمية المناسبة، والفضاء التعليمي المفيد، والكفايات المراد تحققها لدى كل متعلم على حدة، لا لمجموع التلاميذ. لهذا تستعين بيداغوجيا الكفايات بالبيداغوجيا الفارقية، كأسلوب تعليمي، يراعي الفروق الفردية للتلاميذ، ويقر بوجودها.


الإبداع: التعليم بالكفايات عمل إبداعي لأنه لا يسقط في الاستعادية من منطق "بضاعتنا ردت إلينا" وإنما يتجاوزها إلى الخلق والإضافة، وهو ما يعبر عنه في أدبيات التدريس بالكفايات بالتحويل Le Transfère والتحريكLa mobilisation.(6)
التحويل والتحريك مفهومان أساسيان لفهم بيداغوجيا الكفايات، لأنهما معيار تحقق الكفاية لدى التلميذ. بانتقال المعرفة من مرحلة الاستيعاب إلى مرحلة التطبيق. وللوصول إلى هذه المرحلة يضع رواد هذه البيداغوجيا شروطا واضحة:
-أن تكون المعرفة تجريبية opératoir ومندمجة في حياة التلميذ، لأن ذلك يجعلها مهيأة لأن تكون معرفة متحركة. بيير أسطولفي.
-ألا يأتيا أي التحريك والتحويل بعد الحشد النظري للمعارف في الذهن، كما ترمي إلى ذلك البيداغوجيا التقليدية، بل يكونا عمليتين دائمتين في كل مراحل التعلم. بيرنو. ديفلاي.

مدرسة النجاح أم مدرسة الترقيع

مدرسة النجاح أم مدرسة الترقيع؟

مدرسة النجاح أم مدرسة الترقيع؟
كعادة كل دخول مدرسي, يرافق بداياته تهليل وتطبيل وكأننا بالوزارة تعمل على نشر الاسلام وليس التعليم, ولكن كل ذلك فقط لستر عورته وعيوبه وتعثراته الكثيرة, يذكرنا ذلك بجلجلة المجتمع في بداية ميثاق التربية والتكوين ونهاية سنواته العشر التراجيدية. وبداية المخطط الاستعكالي وسنواته الثلاث المشرفة على الانتهاء.

و الحقيقة ونحن في السنة الأخيرة من هذا المخطط, عرف الدخول المدرسي الجديد إشرافا حكوميا مكثفا من وزراء ومسؤولين بمجموعة من المؤسسات النموذجية دون غيرها مذكرين بتقدم المدرسة العمومية وتأهيلها, ومكتسباتها مستدلين بأرقام ومعطيات لا تغني عن المنظومة التعليمية من الفشل شيئا.

فأرقام الوزارة وإحصائياتها التي تخص نسب التسجيل المتزايدة في القرى والمناطق النائية ونقص في نسب الهدر المدرسي لا تعني شيئا إذا ما علمنا أنها لم تواكب بالزيادة المطلوبة في المنشآت والأطر, بل على العكس من ذلك تماما تناقصت فكم من مدرسة منجزة على الورق وهي شبح في الواقع وكم من أطر معينة بمؤسسة هي أطلال في أرض الواقع. كما ظلت بل وتفاقمت مشاكل القطاع القديمة الجديدة. فظاهرة الأقسام المشتركة التي كانت حلا استنائيا ومؤقتا لظرفية معينة أضحت الحل الرسمي والشائع في جل نيابات المملكة , في غياب استراتيجيات للقضاء عليها أو حتى التخفيف منها.

أما ظاهرة الاكتضاض فحدث و لا حرج, فعمليات الضم التي تنتهجها النيابات قصد توفير الأطر ناهيك عن الخصاص المهول الموجود أصلا, جعلت القسم الواحد يضم في مناسبات 60 تلميذا وفي أخرى أكثر بكثير.

ولنا أن نتخيل مدرسة النجاح بثلاثة تلاميذ أو أربعة بطاولة واحدة وبأكثر من مستوى في الفصل الواحد وفي غياب أبسط شروط التلقي. وحتى إذا ما جاءت نهاية السنة تكون نسب النجاح 100 في المائة.

إن ما وجب أن يشغل بال الوزارة المعنية ليس هو تأمين الزمن المدرسي والنفخ في نسب التسجيل وإنجازات القضاء الهدر المدرسي, وإنما هو الكف عن لغة الخشب والانخراط الجاد والحقيقي في فك عزلة المدرسة العمومية وتوفير الظروف الملائمة لتلقي التلميذ ورقيه وإنماء حسه الوطني بجعله قلب اهتماماتها, فهو ليس مجرد رقم يدخل في حسابات اقتصادية سياسية ضيقة وإنما القلب النابض لتنمية البلد والرهان الفعلي والأساسي في تحدياته المستقبلية.

ذ:رضوان قريب

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

دور المدرسة والأسرة في التربية

1 - تقديم :
تعتبر المدرسة الوسيلة التي اصطنعها المجتمع بجانب الأسرة لنقل الحضارة ونشر الثقافة وتوجيه الأبناء الوجهة الاجتماعية الصحيحة كي يكتسبوا من العادات الفكرية والعاطفية والاجتماعية التي لا تساعدهم فحسب على التكيف الصحيح في المجتمع بل كذلك على التقدم بهذا المجتمع، فالمدرسة والأسرة هما إذن المؤسستان التي اصطنعها المجتمع للإشراف على العملية الاجتماعية.ولهذا فهما الوسيلتان التي من خلالهما يمرر الإنسان لأجيال المستقبل تجربته الماضية ثم مخططاته ومشروعاته المستقبلية والتي تدخل بشكل عام ضمن ما يسمى بالبرامج التربوية ، بشكل ضمني كما هو الشأن في كل أسرة ، أو بشكل مهيكل ومنظم كما في المدرسة ... لكن استقلال المؤسستين واختلاف طبيعتهما على مستوى التركيبة وكذلك الإمكانات ثم التسيير والتدبير ، جعلهما ( وفي نظر الكثير) يختلفان ولا يتعاونان بشكل مستمر لتحقيق الهدف الفعلي لكل واحدة منهما والذي هو في الأصل هدف مشترك . ولأن المجتمعات تختلف في تراثها الاجتماعي ونظمها السياسية والاقتصادية تبعا لاختلاف مناهجها الفسلفية العامة ورؤيتها للإنسان والحياة بصفة عامة، ولكل أفراد المجتمع رغبة أكيدة في الحفاظ على كيان مجتمع بما فيه من قيم وأساليب معيشة وهي القيم المستمدة من خبرتهم عن الأجيال وحياتهم الاجتماعية لذلك فهو يرى بقاءها واستمرارها من أجل بقاءه.
فالمدرسة والأسرة تعتبران المؤسستان التربويتان الأكثر أهمية بين بقية المؤسسات الأخرى، نظرا لدورهما الفعال في العمل الهادف والمنظم تبعا لأهداف المجتمع وفلسفته ككل. إذن فما هو هذا الدور ؟ وهل يمكن أن تكون هناك تربية صحيحة بدون مدارس ؟ وماهو دور الأسرة ؟ وما علاقة المدرسة بالأسرة ؟ وكيف تساهم كل من المدرسة والأسرة في تنمية المجتمع ؟ وفي التنشئة الاجتماعية للأفراد ؟
2 - مفهوم المدرسة :
يرجع أصل لفظ المدرسة école إلى الأصل اليوناني schole والذي يقصد به وقت الفراغ الذي يقضيه الناس مع زملائهم أو لتثقيف الذهن[1>. فتطور هذا اللفظ بعد ذلك ليشير إلى التكوين الذي يعطى في شكل جماعي مؤسسي ، أو إلى المكان الذي يتم فيه التعليم ، ليصبح لفظ المدرسة يفيد حاليا تلك المؤسسة الاجتماعية التي توكل إليها مهمة التربية الحسية والفكرية والأخلاقية للأطفال والمراهقين في شكل يطابق متطلبات المكان والزمان...
أما مفهوم المدرسة بالتحديد فقد ظهر اثر الانتقال الذي عرفه الفعل التربوي من مهمة تتكلف بها الأسرة إلى مهمة عمومية وذلك في المرحلة الهيلينية [2> . لتصبح المدرسة تلك المؤسسة العمومية التي يعهد إليها دور التنشئة الاجتماعية للأفراد وفق منهاج وبرنامج يحددهما المجتمع حسب فلسفته...والمدرسة بشكل عام مؤسسة عمومية أو خاصة ، تخضع لضوابط محددة ، تهدف من خلالها إلى تنظيم فاعلية العنصر البشري، بحيث تنتج وتفعل وفق إطار منظم يضبط مهام كل فئة ، ويجعلها تقوم بعملها الخاص لكي يصب في الإطار العام ويحقق الأهداف والغايات والمرامي المرغوبة منه.
فالمدرسة هي السبيل الوحيد الذي يلج إليه الأطفال منذ صغرهم ، بعد الأسرة التي تمثل المدرسة الأولى، إلى أن يلتحقوا بسوق الشغل وبالتالي فهي بمثابة معمل لتكوين الموارد البشرية ، وهي كذلك فضاء يلتقي فيه الأطفال والراشدون حيث توفر لهم فرص التفاعل فيما بينهم ، غير أنها ليست سوى مؤسسة اجتماعية من بين المؤسسات الأخرى ، وقد تدعي لنفسها الانغلاق على الذات بدعوى نظمها وقوانينها ، غير أن هذا الانغلاق ظاهري فقط لأنها تعكس مختلف التيارات الاجتماعية بكيفية شعورية أو لا شعورية ، ولكنها تعمد إلى تربية وتكوين والجيها وفق الثقافة التي تمثلها كمؤسسة مدرسية ، انها تبعا لهذا تشكل عامل توحيد ، عامل لم وجمع مختلف الطبقات الاجتماعية وصهر أفكارها وبلورتها بقدر الإمكان عبر خطابها التربوي.
3- وظائف المدرسة :
تلعب المدرسة كمؤسسة اجتماعية بجانب الأسرة ، عدة ادوار لها وزنها التاريخي ، وتتميز بوظائفها عن باقي المؤسسات الأخرى لأنها تلامس مختلف جوانب الإنسان وذلك لأنسنته وجعله ذلك الكائن الذي يعرف ذاته أولا ثم يكتشف الأخر ثانيا . وإذا ما نظرنا إلى هذه الوظائف نجدها متعددة ومتشعبة نظرا لتعدد أغراض وأهداف الكائن البشري فمنها ما هو تربوي وتعليمي ثم إداري، اجتماعي وأمني ، تكويني وإيديولوجي ، إرشادي وتوجيهي ، ثقافي إشعاعي ، تواصلي اقتصادي...وتتجلى كذلك مهمة المدرسة والأسرة في التأثير على سلوك الأفراد تأثيرا منظما يرسمه لهما المجتمع، والمدرسة من حيث هي كذلك تنصب وظيفتها الرئيسية على سلوك الناشئة، ويقاس مدى تحقيقها لوظيفتها بمدى التغيير الذي تنجح في تحقيقه في سلوك أبناءها ومن ثم كان ضروريا أن ينظر إليها نظرة شمولية كنظرتنا نحو المجتمع برمته وأن تكون في مقدمة كل سياسة إصلاحية للمجتمع وأن ينظر إليها كمرجعية لكل تغيير أو تغير قد تعرفه باقي القطاعات والجوانب الأخرى لحياة الفرد ... فالمدرسة في أساسها مؤسسة اجتماعية أنشأها المجتمع لإشراف على عملية التنشئة الاجتماعية ولذلك فإن أي تصور لهذه المؤسسة يجب أن يراجع داخل إطار هذا التصور الاجتماعي ولاشك أن هذا التصور الأساسي يملي دراسة علاقة المتعلم بغيره من المتعلمين وعلاقة المتعلم بالمدرسين وعلاقة المتعلم بالإدارة التربوية و بالتنظيم العام في المدرسة من حيث أنها الإطار الاجتماعي التي لها علاقة بما تحتويه من عناصر بشرية وما يوجد خارجها من تنظيمات اجتماعية أخرى بما فيها الأسرة. وبشكل عام يمكن القول بان المدرسة هي المؤسسة التي بفضلها يكتشف الفرد ذاته ومجتمعه ومن خلالها وعبرها يجب الخروج إليه، وهنا يمكن الإشارة إلى ابرز وظائف المدرسة على الشكل التالي :
أ ) الوظيفة التعليمية التكوينية:
في إطار هذه الوظيفة تقوم المدرسة بتعليم الأطفال القراءة والكتابة والحساب مع إكسابهم وتلقينهم المعارف الدينية والتاريخية والأدبية والعلمية واللغوية ، عبر برامج ومقررات محددة حسب مختلف المواد المخصصة لكل مستوى وبشكل تدريجي ابتداء من التعليم الأولي إلى التعليم العالي مرورا بالأساسي والإعدادي والثانوي . كما تسعى المدرسة خلال كل مرحلة تعليمية تحقيق وإكساب التلاميذ كفايات تواصلية ، استراتيجية، منهجية ، تكنولوجية وثقافية ؛ وقيم ترتبط بالعقيدة وبالهوية الحضارية وبثقافة حقوق الإنسان والمبادئ الكونية . وتهدف المدرسة بشكل عام خلال هذه الوظيفة تعليم وتكوين الفرد بشكل يجعله مندمجا في الحياة العامة ومتفتحا على الأخر .لكن من خلال التجارب السابقة والحالية يلاحظ ان المدرسة قد انحرفت عن سكتها التعليمية والتربوية نظرا لصعوبة هذه الوظيفتين وكذلك لعدم توفر الشروط الضرورية للأعداد والتكوين العلمي والمهاري والمنهجي ، ولعدم توفر شروط التأهل للاندماج في الحياة الاجتماعية . فالمدرسة اليوم وجدت نفسها في حرج وأمام منافسة شديدة ولازدياد تطور الفنون المعرفية الأخرى ، وتأثير الصورة بشكل خاص . وبذلك لم تعد المدرسة تحتل نفس المكانة السابقة (بجانب المؤسسة الدينية) التي كانت تحتلها من حيث السلطة والاحتكار المعرفي ، ولأن تطور وسائل الاتصال والإعلام وظهور الكومبيوتر و شبكة الانترنيت بمختلف برامجها وأنظمتها ، مع انتشار التعليم المبرمج والتعليم عن بعد والقنوات التعليمية ...كله هذا ما زعزع مكانة المدرسة وجعل قيمتها في تدهور مستمر ، وهذا له اثر بليغ على المتعلمين وبالتالي على المجتمع ومستقبله .فالمجتمعات التي أدركت هذا التغير الذي وقع على القنوات المعرفية وعلى المدارس ، تمكنت من مسايرة المنافسة التي تواجهها المدرسة فتربط كل جديد بالمدرسة مما جعل هذه الأخيرة لم تحس يوما ما بزعزعة وظيفتها التعليمية والتكوينية ، فتقدم البحث العلمي وتوفير التراكم العلمي الجيد يمكن المجتمعات من تحديد ملامح وحاجات ورغبات واهتمامات وميولات أطفالها ، وبالتالي انسجام كل سياسة تعليمية مع ظروف الواقع الذي يتطور بسرعة ، عكس المدرسة المغربية التي مازالت ذات طابع تقليدي سواء في طرق التدريس أو على مستوى الوسائل الديداكتيكية وحتى الجانب المعرفي والمنهجي ، مما جعلها تفقد مكانتها في حلبة الصراع التعليمي والتربوي .فواقع المدارس المغربية اليوم يؤكد هذا الطرح : فعدم تطور البنيات المدرسية بشكل يوازي ارتفاع نسبة التمدرس ، فنجم عن ذلك اكتظاظ مهول بالأقسام ( قد وصل إلى 54 تلميذ في القسم الواحد أما قسم 40 تلميذ فقد أصبح عاديا ) إضافة إلى نقص في التجهيزات وأطر التدريس ، أما ما زاد الطين بلة هي تلك الخريطة التربوية التي تحدد لكل أستاذ عدد التلاميذ الذين سيشملهم التكرار كما تحرص على أن تكون نسبة النجاح مرتفعة وأن تفوق في غالب الأحيان ما يزيد عن 90°/° (خاصة في التعليم الابتدائي الذي يعتبر الركيزة الأساسية ) وهذا ما ينتج لنا تلاميذ لا يعرفون القراءة والكتابة رغم أنهم في مستويات دراسية عالية (السادسة أو السابعة وحتى التاسعة ...) وذلك بسبب تراكم أخطاء الخريطة المدرسية . فكثرة نسبة التلاميذ في القسم الواحد وارتفاع نسبة الذين يعانون من التخلف الدراسي يشكل مشكلا وعائقا تربويا كبيرا على التواصل والتفاهم بين المدرس و التلاميذ .
ب ) الوظيفة التربوية :
بجانب الوظيفة التعليمية والتكوينية فان للمدرسة وظيفة أساسية وشاملة استمدتها من الأسرة تتجلى في تربية الأطفال تربية تجعلهم يحترمون مجتمعاتهم ويندمجون مع مختلف المؤسسات الاجتماعية الأخرى ، وبفضلها يكتسبون قيم إنسانية وهوياتية تتأقلم مع متطلبات المجتمع ، وبفضل الفلسفة التربوية التي تنهجها المدرسة كمؤسسة عمومية يمكن للمجتمع التطور والسير نحو ما هو أفضل أو العكس الإصابة بالركود والتخبط في مشاكل جمة .
فصلاح المجتمع ينطلق من صلاح المدرسة وكل خطأ يرتكب داخل جدران هذا الحقل سيكون له اثر بليغ على مستقبل الدولة برمتها ، فعلاقة المدرسة بالمجتمع علاقة الأم بابنها ، وعلاقة السائق بسيارته وعلاقة القائد بجماعته ، فالمدرسة هي مقود التطور والتقدم ومفتاح التغيير ، وعبر المدرسة يمكن كذلك ان نصنع مجتمعا متخلفا ومجتمعا مسالما كما نريد .ولهذا فعندما نتحدث عن إصلاح التعليم وبالتالي المدرسة ، علينا أن ننظر إلى مستقبل الأمة وماذا نريد فعلا من مجتمعنا ؟ هل نريده مجتمعا متقدما ؟ ديمقراطيا ؟ متفتحا ؟ يحب وطنه ؟ غيور عليه ؟ يعتز بهويته ؟ قد يدفع ثمن حياته دفاعا عن وطنه ؟ أم مجتمعا متخلفا لا يحب وطنه ؟ و لايعير أي اهتمام لنفسه و لا لوطنه ؟ مجتمعا متفاوتا في كل المستويات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية ؟ وحتى من حيث الملكية والمواقع الجغرافية ؟
ان المدرسة هي الحل الوحيد والباب الأول الذي يمكن من خلاله ان نفبرك فردا ثم أسرة وبالتالي مجتمعا كاملا ، فداخل المدرسة نجد كل الأطفال ينحدرون من كل الأسر كسفراء لها ، وهم الذين سيصبحون رجال الغد .فإذا قمنا بتربيتهم بشكل جيد وعلى تربية مستقبلية لأنهم خلقوا لزمن غير زماننا ، نضمن مجتمعا منسجما ومتقدما . عكس ما وجدناه وما نجده داخل المدرسة المغربية، التي تتخبط في أزمات متتالية ومستمرة وبالتالي تحصد خسائر جسيمة لا يمكن للمجتمع المغربي تفاديها ولو بالقروض الدولية.فهي خسارة تربوية ترسخت في شخصية الفرد المغربي الذي يفضل الهجرة والموت في البحر عن الصمود والنضال من اجل الإصلاح التام ، شخصية الفرد المغربي الذي لا يعرف النظام بل لا يحبه ، ويفضل الفوضى أحيانا عن احترام القوانين ، الفرد المغربي الذي لا يميز بين الواجب والحق . الفرد المغربي الذي يفضل أن يتمتع بجنسية أجنبية عوض جنسيته الأصلية... إنها حقائق مرة وواقعية لا يمكن تنكرها أو جهلها ، فكل فرد وطئت قدمه المدرسة تجده يحس بمرارة الواقع المغربي وبأزمة التعليم بالخصوص .
ت ) الوظيفة الإيديولوجية :
لقد تبين لنا من خلال الممارسة الميدانية وكذلك من خلال الفلسفة التربوية التي تتبعها كل دولة اتجاه مدارسها، أن للمدرسة وظيفة أخرى تكتسي طابعا إيديولوجيا لكونها تعتبر أداة للإدماج وقنطرة تمرر من خلالها الدولة سياساتها الأمنية وهي أداة لهيمنة الوظيفة الرسمية لنقل المعارف ... وهي كما قال السوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو في كتاب مع باسرون : إعادة الإنتاج la reproduction ، أداة لإعادة إنتاج الثقافة والنظام السائد ، وهي جهاز إيديولوجي مهمته نقل وترسيخ أفكاره المهيمنة وذلك لإعادة إنتاج تقسيمات المجتمع الرأسمالي وجعل النخبوية عملا مشروعا ، وبالتالي إعادة إنتاج القيم والعلاقات الاجتماعية السائدة . وهكذا فالنظام التربوي في نظر بورديو يشكل عنفا رمزيا قصدي لكنه مفروضا من طرف سلطة ذات نسق ثقافي سائد ، وهكذا فالوظيفة الإيديولوجية للمدرسة تتجلى في كونها مؤسسة للترويض الاجتماعي وإعادة إنتاج نفس أنماط الفكر والسلوك المرغوب فيهما من طرف المجتمع .
إن للمدرسة عدة وظائف رئيسية يرتبط بعضها ببعض خاصة في عصرنا الحاضر الذي يمتاز بالتغييرات الإجتماعية السريعة والتقدم المطرد في ميدان العلم والاختراع، والتشابك المتزايد في أساليب المعيشة وعادات الناس وتقاليدهم ،إلا أن المدرسة الوطنية التي تضع مهمة التربية والتعليم في مقدمة أولوياتها، تحاول التوفيق بين مختلف الوظائف دون أن تطغى وظيفة على أخرى وأن تضع مستقبل المجتمع برمته كغاية كبرى. ولهذا فنجد أن من ابرز الأدوار التي يجب على المدرسة ، ان تقوم بها سعيا لتحقيق أهدافها كمؤسسة تربوية واجتماعية نجد [3> :
1- نقل الثرات الثقافي: إن تحليل معنى المجتمع والثقافة وعلاقة الشخصية بهما يبرز لنا أهمية العملية الاجتماعية التي تنتقل بها آداب السلوك العامة والقيم والمعاني والأنماط الثقافية من جيل إلى جيل. وطبيعة الحياة الاجتماعية للأفراد من حيث الاختلاف في أعمارهم واختفاء بعضهم وظهور بعضهم الآخر يجعل عملية النقل عملية اجتماعية ضرورية لاستمرار النضج الاجتماعي.
غير أن هذه العملية ليست آلية، فالمجتمعات المتمدنة قد تسير إلى الوراء إن لم تبدل جهودا حقيقية في سبيل نقل التراث الثقافي من جيل إلى جيل. لهذا يبدو أن الحاجة إلى التعليم أمر بديهي في المجتمعات لاستمرار وجودها وتطورها. فالناس يعيشون في جماعة بفضل ما يشتركون فيه من أشياء عامة وبفضل عملية الاتصال والنقل التي يحصلون بها على الأشياء المشتركة العامة التي تجعل منهم جماعة، وهذه الأشياء المشتركة العامة هي الأهداف والمعتقدات والآمال والمعارف والمفاهيم المشتركة، وهذه كلها تساعد على إيجاد عقلية متشابهة بين أفراد الجماعة لأن النقل والإيصال الذي يتضمن مشاركة الأفراد في تفهم مشترط هو الذي يحقق اتجاهات عقلية وانفعالية متشابهة. أي طريقة متشابهة للاستجابة لتوقعات الحياة ومطالبها.
إن قيم المجتمع على التماسك في إطار أهداف مشتركة يعني هذا أكثر من التعاون بهم، وفهم متطلباتهم وحاجاتهم ومساعدتهم على فهم أعراضه وحاجاته، ومعنى هذا كله ضرورة توافر ما نسميه "بالإجماع" الذي لا يمكن وجوده إلا عن طريق عمليات النقل والاتصال الاجتماعي. فعملية النقل قد تتم بطريقة واعية الذي نعمله ويمكنه عن طريقها أن يواجه مواقف الحياة على أساس من التبصر والمعرفة وتزويده بما يلزم من المواقف المختلفة من معارف ومهارات سبق أن تثبت صحتها من خبرات أجيال أخرى. وقد تتم هذه العملية بالضغط الاجتماعي أو الدعاية أو بأي نوع آخر من التعليم، ولهذا فإن المدرسة وبجانبها مختلف المؤسسات المكلفة بالتربية ، تواجه عدة مشكلات لقيامها بهذه الوظيفة. ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها بالنسبة لهذه الوظيفة هي اختيار الجوانب التي لها قيمة في التراث الاجتماعي بالنسبة للشخص وكذلك اختبار العناصر التي تضمن تكاملا في اتجاهات الفرد ومفاهيمه.
2- التبسيط: لما كانت المدينة الحديثة (الحضارة) تمتاز بالتعقيد فإن من العسير أن تنتقل عناصرها إلى الصغار الناشئين، لهذا فعلى المدارس تقسيمها إلى أقسام وتصنيفها وتبسيطها. ووظيفة المدرسة التربوية هي ان توفر بيئة مبسطة تناسب أعمار التلاميذ واستعداداتهم فتختار العناصر الأساسية التي يتمكنون من الاستجابة إليها وتنظم برامجها بحيث تزودهم خلال أطوار نموهم المختلفة بالمعارف والمهارات التي تزيد من بصرهم في مواقف الحياة.
3- الانتقاد والاختبار: من وظائف التربية والمدرسة ان تختار بين الاتجاهات والقيم والعادات والمعارف التي توجد في المجتمعات على أساس التمييز بين المرغوب فيه وغير المرغوب فيه ذلك ان كل مجتمع يتضمن الكثير من العناصر المختلفة والأفكار المتنوعة والقيم المتعارضة، ولما كانت المدرسة هي أداة المجتمع في تنمية اتجاهات وقيم مرغوب فيها في ضوء أهداف معينة كان من وظيفتها القيام بتدعيم الجيد من العناصر والقيم وتزويد الصغار الناشئين بها لمواجهة مواقف حياتهم في بيئتهم الاجتماعية، وكلما ارتقى المجتمع وتعددت مصالحه أدرك أمامه مسؤولية مزدوجة:
الأولى: العمل على نقل العناصر الطيبة في تراث وما حققته الأجيال السابقة.
الثانية: استخدام العناصر الجيدة الملقاة لبناء مستقبل أفضل.
4- الاقتصاد الثقافي: المدرسة في هذا العصر تجد نفسها أمام وظيفة جديدة تفرضها عليها طبيعة التغييرات الجدرية التي يتميز بها هذا العصر. فقد تراكم التراث الثقافي بشكل لم يسبق له مثيل، واتسع نطاقه باتساع نطاق الخبرات الإنسانية وتشابكها وسهولة انتقال نتائجها وتفرع فروع المعرفة المختلفة. وليس معنى الاقتصاد الثقافي اختزال التراث الثقافي لسهولة نقله والاقتصار على جانب منه دون جوانب أخرى، بل أنه يعني الاختيار والتمييز بين العناصر القديمة والجديدة وتحقيق التكامل السليم بين فروع المعرفة، مع جعل هذا الرصيد بعد ذلك سهلة التناول. وعلى هذا فالمدرسة مطالبة لقيامها هذه الوظيفة بابتكار الوسائل والأساليب الجديدة وتنظيم المادة الدراسية وتقديمها وتوصيلها للناشئين.
5- التماسك الاجتماعي وتدويب الفوارق بين الطبقات: ومن الوظائف الاجتماعية للمدرسة (عكس الوظيفة الإيديولوجية المعتمدة ) إيجاد حالة من التوازن بين عناصر البيئة الاجتماعية، وذلك بأن تتبع المدرسة لكل فرد الفرصة لتحرير من قيود طبقته الاجتماعية التي ولد فيها وأن يكون أكثر اتصالا وتفاعلا مع بيئته الشاملة، ذلك أن المجتمع الحديث يتضمن في الواقع جماعات كثيرة وهناك أيضا الطبقات الاجتماعية والمذاهب الدينية ولكنها تتفاوت في العادات والتقاليد والآمال والقيم بين أفراد المجتمع الواحد وكل هذه الطبقات لها تأثير على اتجاهات الأطفال الناشئين.
6- تنمية أنماط اجتماعية جديدة: إن أول خطوة لتحقيق المدرسة لهذه الوظيفة هي تنمية الوعي بين الأطفال والشباب بالفرق بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، وتتطلب هذه الوظيفة أساسا مبنيا وافرا من المعرفة ومن المعلومات عن الوسائل الاجتماعية الأخرى المختلفة، وتكوين اتجاهات علمية جديدة متحررة من التعصب والجمود لتقويم هذه المعارك واستنباط أساليب ومفاهيم جديدة تكون أساسا لتصور مستقبلي فعال.
7- تنمية الإطار القومي: فالمدرسة بطبيعتها الاجتماعية والخلقية تحمل دائما في الإطار القومي والذي منه تستمد فلسفتها واتجاهاتها والتي على ضوئه ينبغي أن تختار خبراتها التعليمية التي تعني المواطنين الناشئين. فعلى المدرسة أن تحافظ على الإطار القومي كما عليها أن تساهم في تطوير هذا الإطار وتنميته لإخضاعه للدراسة والفكر في ضوء ما يشهده المجتمع من تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية.
8- الابتكار والخلق: إذا كانت نقطة البداية للمدرسة هي الإنسان: الفرد. فإن موضوعها هو طبيعة الفرد من حيث نموه، فطبيعة الفرد ليست ثابتة محددة بعوامل بيئية ثابتة أو أنها فطرية تحكمها عوامل غريزية جامدة، وإنما هي طبيعة مرنة متكاملة في تفاعلها. ووظيفة المدرسة هي أن تمكن الفرد من الخروج عند حدود جماعته الأولية إلى حدود الجماعات الكبيرة مع قوة في تغيير هذه الجماعة والإضافة إليها والمشاركة فيها مشاركة ايجابية وذلك بفكر خلاق ومبدع في ثقافته وبيئته. وقد تعد هذه الوظيفة أعلى وظائف التربية المدرسية خاصة في المجتمعات التي تعيش تغيرات سريعة تحتاج من الأفراد خلقا وإبداعا وابتكارا وتجديدا في أساليب حياتهم.
4 - مفهوم الأسرة ووظائفها :
تعتبر الأسرة من أولى الحاجات الطبيعية التي يلجأ إليها الإنسان ، ولضرورتها الطبيعية لاستمرار الجنس البشري وكذلك لتوفير الأمن والحماية الضروريين ، فان الكائن البشري يعمل بشكل تلقائي على إنشاء الأسرة ، ونظرا لأهمية الأسرة كمكون اجتماعي ، وكأول اجتماع تدعو إليه الطبيعة كما أكد الفيلسوف أرسطو ، فقد تعددت التعاريف التي أشار إليها العلماء بمختلف تخصصاتهم من السوسيولوجيا والانتربولوجيا وحتى في ميدان التربية وندرج هنا بعض التعاريف كنماذج:
- تعريف لوك Lock.H : الأسرة جماعة من الأفراد تربط بينهم رابطة الدم أو التبني ، ويعيشون في منزل مستقل ، ويتواصلون فيما بينهم عبر تفاعل مستمر ، كما يؤدون أدوارا اجتماعية خاصة بكل واحد منهم ، باعتباره زوجا أو ابنا أو ابنة أو أما أو أختا بحيث يتكون نتيجة ذلك ثقافة مشتركة .[4>
- تعريف ليتري Littré : تتكون الأسرة من مجموعة أشخاص يحملون الفصيلة الدموية نفسها ، ويعيشون تحت سقف واحد ، كما تتكون بوجه خاص من أب وأم وأطفال .[5>
- الأسرة مجموعة اجتماعية تربط بينها روابط القرابة أو الزواج ، وهي شكل اجتماعي له وجود في كل المجتمعات البشرية . وتقوم الأسرة ، من الوجهة النظرية ، بتوفير الحماية والأمن والتنشئة الاجتماعية لأعضائها .هذا ، وتختلف بنية الأسرة ونوع الحاجات التي تشبعها لأفرادها باختلاف المجتمعات وباختلاف المراحل التاريخية .[6>
كما يستخدم مفهوم الأسرة كذلك للدلالة على الخصائص البنيوية والوظيفية والنشاطات الاجتماعية التي تتم في رحاب وحدة ترابية وسكنية واقتصادية ومعايشة تشمل الزوج والزوجة والأولاد غير المتزوجين عكس العائلة الذي يشير إلى وحدة في القرابة تشمل الأصول والفروع التي ترتبط بنسب الأب سواء في شكلها الممتد أو شكلها المركب .
أما عن وظائف الأسرة فهي أولا المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الطفل لغة أمه والمشي وبعض الأخلاق والقيم ، ومن خلال أسرته يكتشف نفسه ومحيطه ، فهي التي تمنحه الهوية والأمان والحنان .وبالتالي فهي تلعب نفس وظائف المدرسة كلها بالإضافة إلى كونها المسؤول الأول والأخير لنجاح تنشئة الفرد ، وكما قلنا في التعريف بأنها الرحم الاجتماعي للطفل والتي يعود إليه الطفل لتضميد كل جراحه التي قد يسببها العالم الخارجي بسبب المعانات والضغوطات . ومن هنا فالأسرة هي الخلية الأساسية في المجتمع وهي المسؤولة عن قوة أو ضعف البنية المجتمعية العامة ، لكونها تقوم بوظيفة الأمن لأفرادها ووظيفة التضامن بينهم ووظيفة التكوين والتنشئة الاجتماعية ، ووظيفة المراقبة والتربية...فهي بالتالي مؤسسة شمولية تؤدي مختلف الأدوار ، إلا أن الوضع في الوقت الراهن قد تقلصت فيه هذه الوظائف ومعها مسؤوليات الأسرة فتحولت بذلك هذه الأخيرة من مركز دائرة التربية إلى عنصر أو طرف مشارك في العمل التربوي. وبسبب هذا الانتقال في الدور جعل الأسرة تفقد توازنها وصدارتها الاجتماعية.مما فرض عليها أن تعيد النظر في علاقاتها مع مختلف الأطراف المشاركة في العمل التربوي من مدرسة وشارع ووسائل الإعلام .

5 - مفهوما التنمية و التنشئة الاجتماعية.
أ‌ - مفهوم التنمية :
لقد نشأ مفهوم التنمية وترعرع في الغرب سواء عن طريق سوسيولوجيا الغرب أو عن طريق الهيأت الدولية ، وهذه النشأة بطبيعة الحال لا تخلو من إيديولوجية ، حيث جميع المصطلحات المستعملة ونوعية ميادين التنمية لها منحى خاص من وراءها أغراض إيديولوجية تحركها .ولقد ظهر مفهوم التنمية لأول مرة في بريطانيا مثلا سنة 1944 ، وذلك في تقرير اللجنة الاستشارية للتعليم ، و صدر أول تعريف منظم لتنمية المجتمع خلال مؤتمر " كامبردج" الصيفي حول الإدارة الإفريقية سنة 1948 . وقد عرفت التنمية بأنها " حركة تستهدف تحقيق حياة أحسن للمجتمع المحلي نفسه من خلال المشاركة الايجابية للأهالي ، وإذا أمكن من خلال مبادرة المجتمع المحلي " . وفي سنة 1954 تبنى مؤتمر " استردج" للتنمية الاجتماعية الصيغة العامة للتعريف السابق أي أن التنمية الاجتماعية هي " حركة مصححة لتحقيق حياة أحسن للمجتمع ككل عن طريق المشاركة الفعالة ..." .
وهكذا فقد ظهرت فكرة تنمية المجتمع لأول مرة في الوكالات والمجالس المتخصصة داخل الأمم المتحدة في دراسة منظمة سنة 1950. واتخذ المجلس الاقتصادي والاجتماعي في شهر مايو 1955 قرارا باعتبار منهج المجتمع وسيلة للتقدم الاجتماعي في المجتمعات النامية والمتخلفة. وصدر أول كتاب يعرف هذا المفهوم في أول دراسة منتظمة سنة 1955 وهو تعريف يذهب الى أن عملية التنمية للمجتمع هي العملية المصممة لخلق ظروف التقدم الاجتماعي والاقتصادي معا في المجتمع عن طريق مشاركة الأهالي ايجابيا في هذه العملية. ليأتي بعد ذلك تعريف ثاني سنة 1956 حيث أن تنمية المجتمع هي تلك العملية التي يمكن بها توحيد جهود المواطنين والحكومة لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات المحلية ولمساعدتها على الاندماج في حياة الأمة والمساهمة في تقدمها بأقصى قدر .
وما يمكن استنتاجه من التعريفين هو انه يشيران إلى افتراض أن المجتمعات المحلية تحتوي على طاقات بشرية تحتاج إلى التنظيم والتوجيه من جهة ثم أن هناك إمكانيات مادية تحتاج إلى التنظيم والاستثمار من جهة أخرى .كما يركز التعريفان على ضرورة المساعدة الذاتية وكذلك على عدم قدرة المجتمعات المحلية تحمل ثقل كافة عملية التنمية .
وإذا ما عدنا إلى تعريف التنمية ، فانه كما قلنا يوجد اختلاف بين العلماء حسب نظرتهم الى هذا المفهوم . فنجد مثلا روستوف Rostow يعرف التنمية بأنها عملية تخلي المجتمعات المتخلفة على السمات التقليدية السائدة فيها والتبني للخصائص السائدة في المجتمعات المتقدمة . أما عبد المنعم شوقي فيقول : " إن عملية التنمية هي ذلك الشكل المعقد من الإجراءات والعمليات المتتالية ... التي يقوم بها الإنسان في مجتمع ما من خلال عمل تغيير مقصود وموجه يهدف إلى إشباع حاجة." وبالنسبة لكارل ماركس : " فالتنمية هي تلك العملية الثورية التي تتضمن تغييرات جديدة جذرية وشاملة في البنيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وحتى القانونية زيادة الى نمط الحياة وأساليب العيش والقيم الثقافية ." وهنا يؤكد كارل ماركس كذلك أن البلدان الأكثر تقدما من الناحية الصناعية تمثل المستقبل الخاص بالنسبة للبلدان الأقل تقدما . ويقول سميلسرSmelser : إن التحديث والتنمية هي عملية تتضمن عدة تحولات في متغيرات الحياة مثل التكنولوجيا وذلك عن طريق تقدم هذا الميدان وتعقيده أكثر ...والسكان عن طريق التمدن والتحضر والزراعة بالمزيد من المنتوجات التجارية وعلى صعيد الأسرة ثم الدين بمزيد من العلمانية ." أما بالدوينBaldwin فان عملية التنمية لديه تحتاج إلى توفير معدلات عالية من النمو في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
وبشكل عام فان مفهوم التنمية مفهوم شاسع ويختلف الباحثين في تعريفه ، ولكن ما لا يمكن نفيه أن هذه العملية هي عملية معقدة متشعبة الجوانب ، تضم الجانب الاقتصادي ، الاجتماعي ، السياسي والثقافي . والمفهوم العام لهذه العملية هو أنها مجموعة من العمليات المخططة والموجهة لتحقيق التغيير الجدري في المجتمع ، وذلك لتحسين الظروف الاجتماعية ، الاقتصادية ، السياسية والثقافية لأفراد المجتمع.
ب- مفهوم التنشئة الاجتماعية:
يعتبر مفهوم التنشئة الاجتماعية من المفاهيم التي لا يمكن تحديده بدقة ، ولكن يمكن النظر إليه كغاية يسعى كل مجتمع تحقيقها لدى كل فرد ينتمي إلى هذا المجتمع. فكلمة التنشئة قد تدل على التربية الشاملة والتكوين وتمكن الفرد من استدماج (Intégration ) أنماط سلوكية وعادات ومعايير ودلالات وقيم ، عندما يقيم العلاقة بين فئة من الفاعلين من جهة ومجموعة من الأفعال من جهة ثانية.أما الاجتماعية فهي إعطاء الصبغة الاجتماعية للتنشئة وبالتالي أن تنطلق من المجتمع وتعود لخدمته مرة أخرى ، ولهذا يمكن القول أن التنشئة الاجتماعية بمثابة مشروع اجتماعي تهيمن عليه مجموعة من القيم والمعايير والنظم ، والهدف منه خلق علاقات بين الأفراد المكونة للمجتمع لتسهيل دمجها داخل هذا المجتمع .ويعرف الباحث مصطفى حدية التنشئة الاجتماعية في كتابه "سيرورة التنشئة الاجتماعية في الوسط الحضري بالمغرب" بأنها : "تلك السيرورة المستقرة من التغيرات التي تطرأ على الفرد في مختلف مراحل حياته وتهدف إلى إدماجه جزئيا أو كليا داخل المجتمع ." ويعني بها كذلك عملية اكتساب القيم والمعايير والتمثلات الاجتماعية ...عن طريق آلية الإدماج ولغرض تحقيق تكيف الفرد مع سياق اجتماعي يتسم بالدينامية والتغير .[7>
وهنا يمكن التمييز بين تنشئة اجتماعية أولية وتنشئة اجتماعية ثانوية حسب تعبير كل من بيرجي Berger ولوكمان Luckman [8> ، حيث بفضل التنشئة الأولية يصير الفرد عضوا في المجتمع ، وتتم بالدرجة الأولى داخل الأسرة وفي البنيات الاجتماعية الصغرى التي يتيحها الوسط الاجتماعي . كما تعتبر القاعدة الأساسية التي يجب على التنشئة الثانوية أن تتبعها لتكون فعالة. ولكون هذه الأخيرة تشمل كل السيرورات اللاحقة التي بفضلها يتعرف الفرد على مجالات جديدة من العالم الموضوعي بعد أن صار اجتماعيا بفضل التنشئة الأولية[9>.وهنا يمكن القول بان الأسرة والمدرسة (خاصة التعليم الأساسي) يشكلان ويعتبران مؤسسات للتنشئة الأولية ومنهما ينطلق الفرد ويكتسب القواعد الأولية التي تمكنه من الاندماج والانفتاح في وعلى المجتمع .فما هي إذن علاقة المدرسة بالأسرة ؟
6 - المدرسة والأسرة : أية علاقة ؟
إذا كان الدور الاجتماعي لكل من المدرسة والأسرة يتجلى في التنشئة الاجتماعية للأفراد عن طريق التربية فان علاقتهما يجب أن تنطلق من هذا المنظور الأساسي.وعلاقة الأسرة بالمدرسة لا يجب أن تبقى علاقة سطحية تتجلى أساسا في أن الأسرة هي التي تزود المدرسة بالمادة الأولية أي التلميذ وبالتالي فعملية الإنتاج (أي التربية) كلها على عاتق المدرسة، بل يجب أن تكون علاقة شاملة تنبني على أنهما شريكان في عملية الإنتاج وفي التوزيع وفي الرأسمال وبالتالي شريكان في الربح وفي الخسارة في حالة حدوثها . و بالرغم من التغييرات التي تحدث في الأسرة والمجتمعات الحديثة فهي مازالت إحدى المؤسسات ذات الأثر البعيد في المجتمع ففي المنزل يتعلم الطفل اللغة ويكتسب بعض الاجتهادات ويكون رأيه عن ما هو صحيح أو خاطئ. والنواة الأولى للطفل هي النواة التكوينية لحياته وأثرها يلازم الطفل حتى يدخل إلى المدرسة لذلك فتربية المدرسة هي امتداد لتربية الطفل في المنزل. وقد أوضحت عدة دراسات أجريت لمعرفة أثر المنزل على نمو سلوك الطفل حيث أن كثيرا من مظاهر سلوك الفرد ما هو إلا انعكاس لحياته المنزلية كنظافة المنزل مثلا تنعكس على مظهر وملبس الطفل وعلامات الكلام عن الوالدين.
وإذا كان تأثير المنزل على تنشئة الفرد يظهر عليه ، فإن على المدرسة واجب معرفة البيئة المنزلية للطفل حتى يمكنها إدراك العوامل المختلفة المتداخلة في شخصيته. كما أنها لا يمكن أن تستثمر في عملها التربوي ما لم يتعاون الآباء معها عن طريق أمدادها بالمعلومات المختلفة عن مميزات الطفل وحاجاته ...الخ ومن هنا يمكن القول أن المدرسة والأسرة كمؤسستين للتنشئة الاجتماعية للأطفال ، يوجدان في وضعية المنافسة مع بقية المؤسسات التي يقبل عليها الأطفال مثل التلفاز وشبكة الانترنيت والشارع ، وبالتالي وجب عليهما تظافرالجهود والتنسيق بشكل معقلن لمواجهة تلك المنافسة الشرسة . كما يجب علينا أن ننظر إلى المدرسة والأسرة بأنهما الوسيلتان الأساسيتان لتحقيق تنشئة اجتماعية جيدة للفرد وبالتالي بواسطتهما يمكن ضمان تنمية المجتمع بفضل تلك المكتسبات والكفايات التي تم غرسها في الفرد بفضل كل من الآسرة والمدرسة .فكل إصلاح تربوي وجب عليه أن ينطلق من هاتين المؤسستين الاجتماعيتين وبشكل موازي للتطور والتغير الذي يقع على المجتمع .ولكونهما من سيضمن لنا تنمية بشرية مستدامة .
7 - الخاتمة :
إن علاقة المدرسة بالأسرة يجب أن ترتكز على مبادئ التواصل والتفاعل المتبادل والشراكة الفعالة ، مع تسخير كل الإمكانيات والوسائل والسبل الكفيلة لتفعيل هذه العلاقة على مستوى التطبيق والممارسة . وتبقى المدرسة هي التي يجب عليها أن تخطو الخطوة الأولى نحو هذا الانفتاح وعليها أن تعمل جاهدة على جعل الأسرة تلتحق بها وتشاركها هموم عملها ، كما يجب عليها أن تنفتح أيضا على باقي مكونات المحيط وذلك بتفعيل جميع الإجراءات التشريعية والقانونية التي تمكنها من تحقيق هذا الانفتاح ، كما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجال الشراكة والتمويل وكذلك في مختلف المجالس التي تحدثها المؤسسة من مجلس التدبير الذي يشارك فيه ممثل مجالس الجماعات ثم رئيس جمعية أباء وأولياء التلاميذ ، إلى باقي المجالس الأخرى التعليمي والتربوي .الهوامش :
- مجلة علوم التربية العدد 28 فبراير 2005 .
- الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، منشورات المركز المغربي للاعلام .دجنبر 2003 .
- مجلة فضاءات تربوية العدد الثالث مارس 1997 .ص 103 .
-المدرسة المغربية والمنتوج القيمي الأخلاقي ، عبد الباقي داود .سلسلة التكوين التربوي .العدد 10 السنة 1999.
- الطفل والعلاقات الأسرية . د احمد أوزي الطبعة الأولى 2002.
-L’école à l’épreuve de la sociologie » Anne van Haecht , 111 et sv .

- جورج توما الخوري ، سيكولوجية الأسرة . دار الجيل بيروت ص 14 .
- ماذا عن علوم التربية ؟ امحمد عليلوش ، بحث تربوي سنة 1997.
-الموسوعة الالكترونية انكارتا 1999.


تذكيـــــــــــر:

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد)

بين السطــــــــــــور

  • إن التعليم المتطور هو رؤية المغرب المستقبلية لتنشئة أجيال المستقبل. إن الموقع يتضمن كل وثائق الادماج التي هي مأخوذة من عدة مصادر و مواقع موثوق بها. كما ينفتح الموقع على كل جديد من أجل مدرسة النجاح التي رسمتها خريطة الوزارة الوصية.انتظروا دائما الجديد. زيارتك تسعدنا و مشاركتك تدعمنا.وشعارنا هو رفع التحدي.

  • نظريات التعلم (تابع القراءة)

    1- نظرية التعلم السلوكية : Le béhaviorisme تأثرت المدرسة السلوكية ، وخصوصا مع واطسون ، بأفكارتورندياكThorrndikle الذي يرى بأن التعلم هو عملية إنشاء روابط أو علاقات في الجهاز العصبي بين الأعصاب الداخلية التي يثيرها المنبه المثير، والأعصاب الحركية التي تنبه العضلات فتعطي بذلك استجابات الحركة . واعتقد بأن قوانين آلية التعلم يمكن أن ترد إلى قانونين أساسين : قانون المران (أو التدريب)، أي أن الروابط تقوى بالاستعمال وتضعف بالإغفال المتواصل ؛ ثم قانون الأثر ، الذي يعني بأن هذه الروابط تقوى وتكتسب ميزة على غيرها وتؤدي إلى صدور رضى عن الموقف إذا كانت نتائجه إيجابية .كما أنه من بين ملهمي المدرسة السلوكية بافلوف ، الذي لاحظ أنه كلما اقترن المثير الشرطي بالدافع السيكولوجي إلا وتكونت الاستجابة الشرطية الانفعالية، ورأى بأن المثيرات الشرطية المنفرة تشكل عوائق حاسمة للتعلم وانبناء الاستجابات النمطية. وأهم المفاهيم التي يمكننا أن نجدها في النظرية الإجرائية في التعلم، وخصوصا مع سكينر هي : مفهوم السلوك : وهو حسب سكينر، مجموعة استجابات ناتجة عن مثيرات المحيط الخارجي طبيعيا كان أو اجتماعيا ؛ مفهوم المثير والاستجابة : بحيث إن هناك علاقة شبه ميكانيكية بين المثيرات والاستجابات التي تصدر عن الكائن الإنساني ؛ مفهوم الإجراء :السلوك الإجرائي أو الفاعل يسمى كذلك بالنظر إلى آثاره الملموسة في المحيط البيئي ؛ مفهوم الإشتراط الإجرائي : الإشراط الإجرائي ينبني على أساس إفراز الاستجابة لمثير آخر ؛ مفهوم التعزيز والعقاب :أي استعمال التعزيز الإيجابي لبناء السلوكات المرغوب فيها .واستعمال العقاب لدرك السلوكات غير المرغوب فيها ؛

  • دور الأسرة في تفوق الأبناء في الدراسة (تابع القراءة)

    يعتبر تفوق الأبناء والبنات في دراستهم من أكبر النعم التي ينعم بها الله عزوحل عليهم,لانه سيكون السبب الأساسي في نجاحهم وتحقيق طموحاتهم في المستقبل سواء في عملهم ووظيفتهم أو في علاقاتهم الإجتماعية أو السياسية,كما أنه أيضاً سيكون سبباً أساسياً في تحسين مستواهم المعيشي وفي راحتهم وسعادتهم وسرورهم في الدنيا وفي الأخرة إن شاء الله تعالى. ولكن هل ينعم الله عزوجل بهذه النعمة على من شاء من عباده ويحرم منها من شاء من عباده دون أن يكون لإرادة العبد أولإسرته أي دخل في ذلك؟أم أنها مثل الكثير من النعم لا تأتي إلا بسعي وجد واجتهاد ومثابرة من الطالب أو الطالبة وبعمل دؤوب ودور فعال من الأسرة؟وهل بإمكان الأسرة أن تجعل أبنائها وبناتها يتفوقون في دراستهم حتى ولو كانوا يتمتعون بذكاء عادي أم أنه لا يمكن للطالب أوالطالبة التفوق في الدراسة إلا إذا كان يتمتع بذكاءكبير؟وماذا يجب على الأسرة القيام به تجاه أبنائها وبناتها لكي يتفوقوا في دراستهم؟ في البداية لا يمكننا أن نتجاهل أو نتناسى أن العامل الرئيسي في تفوق الأبناء والبنات هو الذكاء,ولكن مع ذلك لا يمكننا تجاهل العوامل الأخرى التي قد تكون عاملاً أساسياً في تفوق الكثير من الأبناء والبنات الذين يتمتعون بذكاء عادي ومنها أهتمام الطالب والطالبة والجد والمذاكرة والإجتهاد وإهتمام الأسرة وإهتمام المدرسة وتوافر المدرسين الأكفاء وغير ذلك من العوامل,وبما أن العامل الرئيسي في تفوق الأبناء والبنات هو الذكاء فأن ذلك يعني أن أنعدام الذكاء في الطالب والطالبة يجعل تفوقه أمراً مستحيلاً,مهما توافرت بقية العوامل,فالطالب أو الطالبة الذي يعاني من تخلف عقلي وكذاالطالب أو الطالبة الذي يكون نسبة الذكاء لديه ضئيلة جداً والذي ينعت بـ(الغبي أو الغبية)يكون تفوقهم في الدراسة أمراً مستحيلاً مهما حاولت الأسرة والمدرسة أن يقوما بواجباتهما من أجل أن يتفوقوا فأنه لايمكنهم التفوق,ومن هذا المنطلق نجد أن تفوق الأبناء والبنات في الدراسة له ثلاث صور تختلف بإختلاف نسبة الذكاء الذي يتمتع به الطالب أوالطالبة,فكلما أزدادت نسبة الذكاء لدى الطالب أو الطالبة قل مجهوده ونسبة مذاكرته وقل دور الأسرة في تفوقهم وكلما قلة نسبة الذكاء لدى الطالب والطالبة ازداد دورالأسرة ومسئوليتها ولزم على الطالب أوالطالبة من أجل أن يتفوق في دراسته مضاعفة الجد والإجتهاد والمذاكرة ولأوقات طويلة وهذه الصور هي: الصورة الأولى:تفوق فطري. فقد يتفوق بعض الأبناء والبنات بسبب ما يتمتعون به من ذكاء فطري حاد,فهم سريعين الحفظ والفهم نبهاء ذات عقلية ناضجة,فبمجرد أن يشرح المدرس في الفصل يفهمون الدرس بسرعة ولا ينسونه طيلة حياتهم,وهؤلاء في الحقيقة هم نسبة قليلة جداً في المجتمع,وإذا كان للأسرة أي دور في تفوقهم فأنه لن يكون سوى دوربسيط ليس دوراً أساسياً,وذلك من خلال قيام الأسرة ببعض الأمور التي سوف نبينها لاحقاً,لأن مثل هؤلاء يعتبرون نوابغ ومميزين ولهذا فأنهم لا يحتاجون لكي يتفوقوا سوى إلى القليل من الإجتهاد والمذاكرة,وبامكانهم التفوق على مجرد شرح المدرس في الفصل وقليل من المراجعة وكتابة الواجبات والمواظبة وإلى جزء بسيط من إهتمام الأسرة للمحافظة على تفوقهم وحمايتهم من الضياع والإنحلال فقط,فكم نجد على الواقع من طلاب وطالبات أخوة يكونوا متفوقين في دراستهم واحداً تلو الأخر,مع أن الأب والأم أميون لا يقرأون ولا يكتبون ولا يقومون بأي دور تجاه تفوق أبنائهم وبناتهم,وقد يكون هناك أخوة تتفاوت نسبة الذكاء لديهم فنجد بعضهم متفوقون في دراستهم والبعض الأخر غير متفوقين,مع أنهم يحضون بنفس الإهتمام والرعاية من أسرتهم وبنفس الإهتمام من مدرستهم.

  • بيداغوجيا الإدماج في سياق تطوير مناهج التعليم (تابع القراءة)

    من الانتقادات الأساسية التي نلاحظها على بيداغوجيا الإدماج ، هي عدم قدرتها على التخلص من بيداغوجيا الأهداف ومن المدرسة السلوكية عموما، ولبيان ذلك نقدم التوضيحات التالية : مدخل الكفايات يندرج أساسا في المدرسة المعرفيةcognitivisme في حين تتأثر بيداغوجيا الأهداف بالمدرسة السلوكيةbehaviorisme والفرق بين المدرستين واضح ومعروف . لكننا نلاحظ أن بيداغوجيا الإدماج عندما تريد اختيار وصياغة الكفايات ومختلف الخطوات التي تروم بناءها في شخصية المتعلم ،فإنها تلجأ للاستعانة ببيداغوجيا الأهداف بالمعنى السلوكي ولبيان ذلك نقدم الحقائق التالية : كما هو الأمر بالنسبة للأهداف ، فإننا نقوم بتحديد ماذا ننتظر من التلميذ في نهاية الحصة أو في نهاية برنامج او في نهاية العملية التعليمية برمتها ،مع انشغال أساسي يلاحقنا باستمرار هو كيف نصوغ أهدافنا بوضوح وكيف نعبر عنها بالوجه الصحيح. و يعمد روجييرس إلى الاستنجاد بجدول التخصيص (table de spécification ) في التقويم والذي يقترحه أصلا بنيامين بلوم Bloom .B وه

  • التربية البدنية في الابتدائي تحتضر في صمت (تابع القراءة)

    إن الحديث عن المنظومة التعليمية بالمغرب ورهانات إصلاحها يستدعي مساءلة واقعها الخاص بجميع الأسلاك، سيما السلك الابتدائي الذي يعتبر قاعدة الهرم التعليمي وبذرته التي تفرض على الفاعلين بذل الجهود لرفع التحديات، في زمن يشهد خطوات حثيثة تتوخى رفع وتيرة الإصلاح عبر فتح أوراش كبرى. ونظرا لطبيعة العينة المستهدفة من المدرسين في سلك التعليم الأساسي (تباين المستويات، من انعدام كلي للتكوين وفق البرامج الحديثة)، وكذا تضاؤل حظوظ مادة التربية البدنية في المدرسة الابتدائية المغربية الناجم عن عدول أغلب المعلمين عن تأمين حصصها وطرح إشكال طبيعة الأهداف المتوخاة منها، ووقعها على مدرسي التعليم الابتدائي الذين تختلف آراؤهم حول الكفايات الضرورية التي تمكنهم من بلورة أدوات عمل تساعدهم على تحقيق الأهداف المتوخاة في غياب تكوين رصين يبدد عنهم جحيم الأسئلة التي تعوق مسيرتهم المهنية، فإن الإصلاحات المنشودة تتعثر في غياب رؤية واضحة لمادة التربية البدنية التي أصبحت مادة ثانوية في غياب تحفيزات حقيقية للمدرسين الذين يستغنون عنها ويحرمون التلاميذ من حصصها. ولتبديد بعض الأسئلة المقلقة التي تهم واقع التربية البدنية بالسلك الابتدائي، حاورت الصباح مفتش التعليم الابتدائي بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة تادلا أزيلال عز الدين أجدر الذي أكد أهمية مادة التربية البدنية في السلك الابتدائي داعيا إلى عدم الخلط بينها وبين الرياضة المدرسية.

  • أقوال المشاهير المربين عن التربية الحديثة (تابع القراءة)

    التربية في رأي أفلاطون: يرى أفلاطون (427-343)ق.م أن الغرض من التربية ينبغي أن يتجه إلى إعداد المواطن الصالح ، و المواطن الصالح في رأيه هو ذلك الشخص الذي اتزنت قدراته ، و ألم بفضائل الأخلاق و أصبح معتدلا و شجاعا و عادلا ، و هو يقسم المواطنين في جمهوريته إلى ثلاث فئات بحسب ما لدى كل منهم من استعدادات فهناك طبقة الصناع و طبقة المحاربين و طبقة الفلاسفة ، الأخيرون عليهم عبء توجيه الحكومة و من ثم وجب أن تكون تربيتهم هي أرقى أنواع التربية. التربية في رأي أرسطو:و يرى أرسطو أن المواطن الصالح المستنير هو الرجل الحر ، و لكي يصبح الإنسان حرا لابد من توفر أمرين : أحدهما سياسي و الآخر اقتصادي ، فمن الناحية السياسية يجب على الرجل أن يكون كفئا لحمل السلاح و التصويت و شغل الوظائف العامة ، و من الناحية الاقتصادية يجب على الرجل الحر ألا يقوم بالمهن الأخرى التي هي من خواص الرجل العامي فالتربية التي تناسب طبيعة الرجل الحر هي تلك التربية الحرة و الهدف المميز للتربية الحرة هو غرس العقل مادام الذكاء أو العقل هو المميز الذي يتميز به الإنسان عن الحيوان و نحن إذا منحنا الفرد تربية حرة فإنه لايظفر بأحسن إعداد للمواطن المستنير فقط ، ولكنه سوف يحقق أسمى هدف في الحياة و هو السعادة. التربية عند الرومان كولتليان (35-100م:هدف التربية عند الرومان كان هو أيضا إعداد المواطن المستنير ، وصفات المواطن المستنير هنا أنه ذلك الشخص الذي تمكن من أن يعتنق في شبابه فضائل الثبات و الشجاعة و احترام الآلهة و كبح جماح النفس و الوقار و العدل و الحكمة و كان الرومان يرون في التربية وسيلة لإعداد المواطنين القادرين على الإرادة الناجحة للشؤون المدنية ، و يلخص كولتليان (35-100م)نظرة الرومان إلى التربية فيقول: "إن هدفي من التربية هو إعداد الخطيب المفوه ، و أول ما يميز الرجل هو طيب عنصره ، ولذلك فنحن لانتطلب منه أن يكون موهوبا من ناحية الكلام فحسب و لكنه من الناحية الخلقية ، فالخطيب هو ذلك الشخص و الرجل الذي يمكنه أن يرشد الحكومة بما يقدم من نصائح ، ويمكنه أن يزودها بأساس ثابت من تشريعاته و يبعد عنها الشرور بأحكامه كقاض عادل و لن تتوفر هذه الصفات إلا في الخطيب"

  • كيف تكونُ معلماً محبوباً؟ (تابع القراءة) تفنّنَ علماءُ التربيةِ من القدامى والمحدثين في ابتكارِ وصفةٍ تحملُ المتعلّمين على الانتباه، وتحفّزُهم على الانطلاق، وتفتّحُ عقولهم، فلم يجدوا أنجعَ من وصفة المحبّة... يقولُ عالمُ الرياضياتِ الإنجليزيّ (برتراند راسل): "لن يصلَ أيُّ إنسانٍ إلى مرتبةِ المعلمِ الجيّد إلا إذا كانت لديه مشاعرُ الدفءِ والحبّ تجاهَ تلاميذه، وكانت لديه الرغبةُ الأصيلةُ لينقلَ لهم ما يؤمنُ هو نفسه بأنّه ذو قيمة . إذًا ما العواملُ التي تجعلُ المعلمَ محبوباً عند تلاميذه؟ أولاً : الابتسامة فالابتسامة خيرُ رسالة، وأنجعُ لقاء بين المعلم وطلابه، وهذا من هَدي المصطفى -صلى الله عليه وسلّم- فقد قال -صلى الله عليه وسلّم-: "وتبسّمكَ في وجه أخيك صدقة. فالابتسامةُ تجعل الطالبَ يُقبل على المدرسة والدّرس برغبة وشوق فضلاً عن كونها تبدّد المخاوف من نفسه... ثانياً: التشجيعُ على المواقف الحسنة والإجابات الصحيحة وإذكاءُ روحِ التنافس بين الطلاب وبذلك يوجّهُ اهتمامَهم إلى ما هو نافع، وذلك عن طريق المسابقات، وتكليفهم باستظهار الآيات من القرآن، والقصائد وعواصم الدول وغير ذلك. فالطلابُ طاقاتٌ كامنة تنتظرُ من يستثمرُها، وأذهانٌ هائمة تنتظرُ من يقودُها ويوجّهها. "من أسمى فنون المعلم أن يوقظَ روح الحماسة لدى الطلبة للتعبير عن أفكارهم وآرائهم بطرق إبداعية. لقد أثبتت التجاربُ الميدانية التربويّة أنّ التشجيعَ في كلّ الأحوال ناجعٌ، ويؤثر تأثيرًا إيجابيًا على الطالب شريطةَ أن يكونَ في وقته، وبقدرِ الحاجة إليه، والأهمّ أن يكون متنوعاً، ومتقطعاً حتى لا يسأم الطالب. "وكذلك ينبغي لكلّ معلم راشد أن يشيدَ بالمواقفِ الحسنة لتلاميذه، وينوّهَ بكلِّ من له موهبةٌ أو قدرة، وينمي فيه الطموح بالحق، والتفوق بالعدل، ولينبه الآخرين على فضلهم، فينافسوهم في الخير إن استطاعوا، أو يعترفوا لهم بالفضل إن عجزوا. وإن كلمة تقدير وتكريم من أستاذ له قدر في شأن أحد تلاميذه، قد تصنع منه- بتوفيق الله تعالى- نابغة من نوابغ العلم.
Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
| ذ: خـالـد |